السؤال
سؤالي بارك الله فيكم حول إمامة المتنفل بالمفترض، شرعت في صلاة سنة المغرب وأنا في بداية الصلاة جاء شخص أو أكثر لم يصلوا الفريضة فاقتدوا بصلاتي، فهل يجوز لي أن أجهر بالقراءة أم أسر، ولو جاز لي الجهر، فهل لو أدركوني في الركعة الثانية من راتبة المغرب وصلوا معي أجهر بالقراءة أم لا، وهل نفس الحكم لو أني أصلي راتبة العشاء أو ركعتي الشفع أو ركعة الوتر وصلوا بصلاتي أجهر أم أسر، ومعذرة مشايخنا الكرام أرجوا التفصيل بالأدلة مع ذكر إن كان هناك خلاف بين أهل العلم في ذلك، مع ذكر أحكام صلاة المفترض بالمتنفل مما نحتاج إليه مع ذكر بعض كتب لأهل العلم المتقدمين نجد فيها أكثر هذه الأحكام، لأن بعض الناس إذا رأوأ أحدا يصلي راتبة الصلاة الجهرية وإذا أتم به مفترض, جهر هذا الإمام بالقراءة بعد الفراغ من صلاته ينكر عليه بعض الإخوة، وأيضا إذا أسر بالقراءة ينكر عليه بعض الإخوة، فما الصحيح في ذلك؟... وهل لو شرع في القراءة ثم أتم بالمتنفل مفترض فهل يأتي بالفاتحة من أولها أم يكمل قراءته حتى لو شرع في قراءة السورة؟
الإجابــة
خلاصة الفتوى:
يجوز اقتداء المفترض بالمتنفل على الراجح بدليل ما ثبت عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء ثم يرجع إلى قومه فيؤمهم في صلاة العشاء، ومع ذلك فلو أحس الذي يصلي الراتبة باقتداء شخص به فإنه لا يطالب بالجهر؛ لأن الفقهاء نصوا على أن السنة في الرواتب الإسرار مطلقاً.
ولا يطالب بإعادة القراءة إذا ائتم به شخص، بل يكمل قراءته وصلاته على ما سبق منها، وللاطلاع على المزيد فيما يتعلق باقتداء المفترض بالمتنفل يمكن مطالعة كتاب المجموع في الفقه الشافعي للنووي، وكتاب المغني لابن قدامة الحنبلي وغيرهما من الكتب التي تتطرق للمسائل المختلف فيها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن اقتداء المفترض بالمتنفل من المسائل المختلف فيها بين الفقهاء، والراجح جوازه بدليل ما ثبت عن معاذ بن جبل رضي الله عنه من أنه كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء ثم يرجع إلى قومه فيؤمهم في صلاة العشاء.
ففي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله: أن معاذ بن جبل كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة. وهو مذهب الشافعية وقول عند الحنابلة.
قال في المهذب في الفقه الشافعي: ويجوز أن يأتم المفترض بالمتنفل، والمفترض بمفترض في صلاة أخرى، لما روى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أن معاذاً رضي الله عنه كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة ثم يأتي قومه في بني سلمة فيصلي بهم هي له تطوع ولهم فريضة العشاء. انتهى.
وقال النووي في المجموع: مذهبنا: أنه تصح صلاة النفل خلف الفرض، والفرض خلف النفل، وتصح صلاة فريضة خلف فريضة أخرى توافقها في العدد كظهر خلف عصر، وتصح فريضة خلف فريضة أقصر منها، وكل هذا جائز بلا خلاف عندنا.. إلى أن قال: قد ذكرنا أن مذهبنا جواز صلاة المتنفل والمفترض خلف متنفل ومفترض في فرض آخر، وحكاه ابن المنذر عن طاوس وعطاء والأوزاعي وأحمد وأبي ثور وسليمان بن حرب، قال: وبه أقول، وهو مذهب داود، وقالت طائفة: لا يجوز نفل خلف فرض، ولا فرض خلف نفل، ولا خلف فرض آخر، قاله الحسن البصري والزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري وربيعة وأبو قلابة، وهو رواية عن مالك، وقال الثوري وأبو حنيفة: لا يجوز الفرض خلف نفل آخر ولا فرض آخر، ويجوز النفل خلف فرض وروي عن مالك مثله. انتهى.
ومع ذلك فلو أحس الذي يصلي الراتبة كسنة المغرب أو العشاء أو غيرهما باقتداء شخص ما به فإنه لا يطالب بالجهر لأن الفقهاء الذين ذهبوا إلى جواز اقتداء المفترض بالمتنفل نصوا على أن السنة في الرواتب الإسرار مطلقاً ولم نجد منهم من استثنى من ذلك هذه الحالة.
قال النووي في المجموع: وأما نوافل الليل غير التراويح فقال صاحب التتمة: يجهر فيها، وقال القاضي حسين وصاحب التهذيب: يتوسط بين الجهر والإسرار، وأما السنن الراتبة مع الفرائض فيسر بها كلها باتفاق أصحابنا ونقل القاضي عياض في شرح مسلم عن بعض السلف الجهر في سنة الصبح، وعن الجمهور الإسرار كمذهبنا. انتهى.
والله أعلم.