السؤال
أنا فتاة حديثة التخرج، تعرفت سابقًا على شاب في الجامعة، حيث كنا في نفس الصف. هذا الشاب يتميز بصفات حميدة؛ فهو معروف بأخلاقه العالية التي يشهد بها الجميع، ومتدين، وبار بوالدته، وهذا بشهادة زملائنا وأساتذتنا في الجامعة. والده متوفى، والشاب يعمل الآن في وظيفة جيدة جدًا في الخارج، وبراتب مميز؛ كونه حاصلًا على شهادة عليا.
تقدم هذا الشاب لخطبتي، ولكن والدي اعترض بشدة بسبب الفارق في المستوى الاجتماعي، حيث يرى أن والديه وإخوته لم يحصلوا على شهادات عليا، ووظائفهم ليست مرموقة. من ناحيتي، لا أرى أي فارق بيني وبين هذا الشاب، بل على العكس، هناك قبول وتفاهم كبير بيننا، وقلبي يميل إليه.
ولكنني لا أستطيع إقناع والدي، فهو عنيد جدًا ويهتم كثيرًا بالمظاهر، ويفضل أن أتزوج ابن زميله، الذي يثق في علو مستوى عائلته الاجتماعي، وتطابق وظيفتهم مع وظيفة والدي.
أريد أن أعرف حكم الشرع في هذا الموقف، وبماذا تنصحونني؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغالب أنّ الأب أحرص الناس على اختيار الزوج الصالح لابنته، وتحصيل مصالحها في الزواج وغيره، لما له من الخبرة والدراية، مع ما فطره الله عليه من الشفقة عليها.
لكن إذا رضيت الفتاة الرشيدة كفؤا؛ فليس لوليها منعها من تزوجه دون مسوّغ.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: إذا عضلها وليها الأقرب، انتقلت الولاية إلى الأبعد. نص عليه أحمد. وعنه رواية أخرى، تنتقل إلى السلطان... ومعنى العضل: منع المرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك، ورغب كل واحد منهما في صاحبه. انتهى. وراجعي الفتوى: 32427.
وإذا اختارت الفتاة الرشيدة كفئاً واختار وليها كفئًا غيره؛ فالراجح عندنا أنّ اختيارها أولى من اختيار وليها.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: ولو أجاب الولي في حق المجبرة، فكرهت المجاب، واختارت غيره، سقط حكم إجابة وليها، لكون اختيارها مقدماً على اختياره. انتهى.
ونصيحتنا لك، أن تحاولي إقناع أبيك بالموافقة على هذا الخاطب، وتوسطي بعض الأقارب أو غيرهم ممن له وجاهة عند أبيك؛ حتى يرضى بتزويجك منه، فإن أصرّ والدك على عدم قبوله؛ فلعل الله تعالى يعوضك خيرًا منه.
والله أعلم.