السؤال
نذرتُ مبلغًا من المال في حال تحقّق أمر ما، ولديَّ ثلاث بنات، ولا يوجد مورد رزق لهنّ، وزوجي متوسط الحال، فهل يجوز أن أدفع جزءًا من المبلغ المنذور لبناتي؛ بناء على القاعدة الشرعية: "الأقربون أولى بالمعروف"، والباقي للفقراء والمحتاجين، أم يجب أن يكون كامل المبلغ للفقراء والمحتاجين فقط؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كانت السائلة عيَّنت لنذرها مصرفًا معينًا، فلا يجوز صرف شيء منه لغير هذا المصرف المعين.
وإن كانت نذرت نذرًا مطلقًا، ولم تعيّن لنذرها مصرفًا -كما هو ظاهر السؤال-، فمصرف هذا النذر للفقراء والمساكين، وغيرهم من مستحقي الزكاة بسبب حاجتهم، قال الماوردي في الحاوي الكبير: فلو أطلق من نذر نحره لهم، انصرف إلى الفقراء والمساكين دون الأغنياء؛ لاختصاصهم بالقرب، وجاز أن يصرف في ستة أصناف في مستحقي الزكاة من الفقراء، والمساكين، وفي الرقاب، والغارمين، وفي سبيل الله، وابن السبيل، وسقط منهم صنفان: العاملون عليها، والمؤلفة قلوبهم. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -كما في الفتاوى الكبرى-: ولو نذر الصدقة بمال، صرفه مصرف الزكاة. اهـ.
وجاء في مختصر البعلي للفتاوى المصرية لابن تيمية: والنذر المطلق -مثل قوله: "لله عليّ كذا"-، والوقف المطلق، والكفارة، لا يصرف ذلك كله إلى غنيّ، بل إلى من يستحقّه من مستحقي الزكاة. اهـ.
وعلى ذلك؛ فلا يجوز للسائلة أن تعطي بناتها شيئًا من مال هذا النذر، إلا إن كنّ مستحقات للزكاة؛ لعدم كفايتهنّ بنفقة من تلزمه نفقتهنّ -من أب، أو زوج-؛ فعندئذ يجوز لوالدتهنّ إعطاؤهنّ من النذر؛ بناء على القول الراجح في جواز دفع الزكاة لمن لا تجب نفقتهم من الأصول والفروع، وانظري الفتوى: 120057.
مع التنبيه على أن الإقدام على النذر المعلَّق مكروه، ولكن يلزم الوفاء به إذا حصل الشيء المعلَّق عليه، وانظري الفتوى: 483409.
والله أعلم.