السؤال
هل لأجل الإيمان عقليا، وليس بالنقل، وكأني من الغرب، ولم أولد مسلما وراثيا. هل يجب قراءة التوراة، والإنجيل، ومعرفة الرد على أي معتقد آخر، أيا كان سماويا أو غير سماوي؟ أم لا يجب، ويكفي الإيمان واليقين عقليا بالشكل التالي: أن لا بد لهذا الكون المحكم المنظم بدقة شديدة من خالق، فلا توجد صدفة تستطيع أن تنتج هذا النظام المحكم، وأني(كأجنبي من الغرب)، وكأني بحثت، فسمعت عن القرآن، فقرأته، فوجدته معجزة، لا يمكن أن تأتي من بشر، وبالتالي إذن هو ممن خلق هذا الكون المعجز، وأخبرنا هذا الخالق في القرآن أنه إله واحد، وأن رسوله محمدا رسول الله، إذن تتحقق شهادة أن لا إله إلا الله، محمد رسول الله، عقليا بهذه الطريقة.
وهل يوجد من يفكر هكذا، ويؤمن هكذا بترتيب التفكير الذي ذكرته هذا؟ وهل هو تفكير منطقي، ومرتب بدقة؟ وهل بما أن الله في القرآن أخبرنا أنه من يبتغ غير الإسلام دينا، فلن يقبل منه، وتوجد آيات كثيرة يكفر بها أهل الكتاب الذين لم يؤمنوا بسيدنا محمد، وحرفوا الإنجيل والتوراة بما أن الله قال هذا في القران إذن يستحيل أن يغير كل هذا، أو ينسخه؛ لأن هذا صلب العقيدة. -أليس النسخ فيما هو خارج العقيدة؟- وبالتالي لا حاجة لقراءة التوراة، والإنجيل، أو أي معتقد آخر.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا داعي لمثل هذا التشقيق؛ فقضية الإيمان من قضايا الفطرة أساسا، ثم هو الأقرب والأوفق للعقل أيضا، فما بالنا إذا اجتمع مع ذلك دعوات الرسل، ونزول الكتب من عند الله تعالى؟!
وبالتالي، فإطلاق تعبير الإيمان الوراثي أو التقليدي: إطلاق خاطئ! فإن الإيمان هو الأصل، والكفر طارئ عليه، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم في خطبته: ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا: كل مال نَحَلْتُهُ عَبْدًا حَلَالٌ، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا. رواه مسلم.
وعلى أية حال، فإلزام عموم الناس بالنظر إنما هو لوثة من لوثات المتكلمين الذين يجعلون أول ما يجب على المكلف هو: الشك السابق على النظر، أو القصد إلى النظر المفضي إلى العلم! والصحيح أن أول واجب عليه هو شهادة التوحيد المتضمنة للإيمان بالله، وإفراده بالعبادة.
وراجع في ذلك الفتويين: 110974، 209149.
وأما إيجاب النظر في التوارة والإنجيل، أو غيرها من الكتب عند غير المسلمين، فهذا لم يقل به أحد، بل إن ذلك لا يشرع أصلا، إلا للعالم الذي يميز بين الحق والباطل، وراجع في ذلك الفتاوى: 14742، 20030، 27803.
وقد سبق أن أجبنا على سؤال: هل يلزم المسلم تتبع ملل الضلال ودراستها ليزداد يقينا في صحة الإسلام؟ وذلك في الفتوى: 241441.
والله أعلم.