السؤال
في كل عمرة أذهب إليها أقصر من شعري عند التحلل مباشرة دون استحضار للنية، فلا أقول في قلبي: نويت التقصير بنية التحلل من الإحرام، بل أبدأ بتقصير شعري، فهل يجب استحضار نية التقصير عند التحلل من العمرة؟ أم مجرد التقصير يكفي للتحلل من إحرامي حتى من غير استحضار النية؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا نوى الشخص الإحرام بالعمرة عند الشروع فيها, ولم ينوِ قطعها حتى يتحلل منها، فعمرته مجزئة, ولا يجب استصحاب النية في جميع أجزاء النسك, ويشهد لما ذكرنا ما جاء في حاشية العبادي على الغرر البهية ـ وهو شافعي ـ متحدثًا عن اشتراط النية عند الحلق في حالة الإحصار: قَوْلُهُ: بِنِيَّةٍ ـ قَدْ يُتَوَهَّمُ إشْكَالُ اعْتِبَارِ النِّيَّةِ فِي الْحَلْقِ مَعَ أَنَّهُ رُكْنٌ، وَنِيَّةُ النُّسُكِ شَامِلَةٌ لَهُ، وَهَذَا غَلَطٌ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ النُّسُكِ لَمْ تَشْمَلْهُ مِنْ حَيْثُ التَّحَلُّلُ بِهِ بِالْحَصْرِ.
تَنْبِيهٌ: قَدْ تُوَهِّمَ إشْكَالُ وُجُوبِ نِيَّةِ التَّحَلُّلِ عَلَى الْمُصَحَّحِ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ نِيَّةِ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا إشْكَالَ، لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الْخُرُوجِ مِنْ النُّسُكِ قَبْلَ تَمَامِهِ, وَهُنَاكَ فِي الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ تَمَامِهَا، فَنَظِيرُ مَا هُنَاكَ تَمَامُ النُّسُكِ هُنَا وَهُوَ لَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ، وَنَظِيرُ مَا هُنَا الْخُرُوجُ مِنْ الصَّلَاةِ قَبْلَ تَمَامِهَا كَأَنْ يَقْطَعَهَا لِإِنْقَاذِ نَحْوِ مُشْرِفٍ عَلَى الْهَلَاكِ، وَنَلْتَزِمُ هُنَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ ذَلِكَ، وَالْإِحْرَامُ الْقَطْعُ. انتهى.
وعلى هذا، فإذا كنتِ قد نويت الإحرام بالعمرة عند الشروع فيها ولم تنوي قطعها حتى تحللتِ منها بالتقصير فعمرتك صحيحة, ولا يشترط في صحتها استحضار نية التقصير عند التحلل, بل يحصل التحلل بالتقصير ولو كان من غير نية, وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 188277.
والله أعلم.