الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد عقد القران نفرت من زوجي ومن تصرفاته، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تم عقد قراني، ولكني لا أستطيع الوصول إلى لغة حوار مع زوجي، ولست سعيدة معه، وكلما حدثني عن شيء، يسيء الظن ويعترض وينتقد، لا أعرف ماذا أفعل، وخائفة من الطلاق، ويعدني بأن الوضع سيتغير حينما يجمعنا بيت واحد، علمًا أنه لم يكن يتنازل عن أي شيء عندما خطبني، وينفذ ما يريده في الأمور المالية، ووالدي يسر عليه جدًا، وتزوجنا بدون قائمة.

أنا الآن أشعر بكراهية نحوه، رغم أني كنت أدعو الله به عندما تقدم لي، وتراجع عن الخطبة ثم عاد، أفكاري غير مرتبة، ولكن لا أدري ما العمل، وأخشى أن يكون بيننا مشاكل في المستقبل، وهو من طبعه لا يتنازل، ولا يحب أن يسمع مشاكلي أو ما يضايقني منه، ولا يريد أن يشعر أنه مخطئ في أي شيء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله أن يقضي الخير لك، وأن يرزقك الزوج الصالح، الذي يسعدك في الدنيا والآخرة، إنه جواد كريم، وبعد:

مشكلتك أنك لم تستطيعي التفريق بين العرض والمرض، فاجتهدت في إزالة العوارض والتخوف منها، وتجاهلت أصل المرض.

العرض هنا هو: غياب لغة الحوار، وسوء الظن، والشك، والانتقاد، والمرض هنا هو: الأسباب التي تدفعه إلى ذلك، هذا هو أصل المشكلة التي يجب البحث حولها، فإذا اطلعت على الأسباب هان عليك إزالتها أو إزالة أكثرها، وقبل أن نتحدث عن ذلك دعينا نضع عدة نقاط أساسية:

أولًا: الحياة الزوجية ليست مثالية، ولن تجدي فيها هذا النوع من الأفلام المخدرة، والتي تصور الحياة الزوجية كأنها حديقة غناء، لا يأتي عليها فصل الخريف قط! والحياة الزوجية الجيدة هي التي تقوم على التكامل وليس التطابق، وهي التي تعترف بالاختلاف، وتتعايش معه، وليست التي تبحث عن الإقصاء أو الإلزام، وبناء عليه: فلا بد أن يكون هناك اختلاف بينك وبين الزوج، وأحيانًا يكون على صواب، وأحيانًا أنت على صواب، وهذا أمر طبيعي، وإذا قرأت في السيرة عن أطهر بيت عرفته البشرية، لعلمت أن بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان فيه بعض ذلك.

ثانيًا: الزواج بناء يمتد أفقيًا ورأسيًا، ولا يكون هذا التمدد صحيحًا إلا إذا كان على أساس محكم، وقد بين لنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أصل القواعد المحكمة التي يبنى عليها الزواج، فقال: "إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ"، فجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- قواعد البيت المستقيم في اختيار الزوج، هي صلاح دينه واستقامة خلقه.

ثالثًا: أكثر فترات الزوج حدة هي السنوات الأولى، لأن كل طرف تربى على محكمات معينة، وعاش في بيئة معينة، ويرى -لحداثة السن وقلة الخبرة- أن كل ما تعلمه هو الحق الذي لا محيد عنه، وهنا يكون الخلل؛ لأنه سيحكم على تصرفاتك من خلال بيئته، كما أنك ستحكمين على تصرفاته من خلال محكماتك البيئية، وهذا يأخذ فترة، ثم مع المعايشة وحسن التعامل يقترب كل طرف من صاحبه.

رابعًا: لكل زواج صحيح شياطين من الجن والأنس، يريدون الإفساد والتخريب، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قد أخبر عن الشيطان فقال: {إن الشيطان يفرك بين الزوج وزوجه} أي يزرع العداوة والبغضاء، ويكرّه كل واحد منهما إلى إلفه، فإذا أضفنا إلى ذلك بعض ضعاف النفوس من الأصحاب والجيران، علمنا أن الأمر يحتاج إلى مجاهدة، وأنه لا بد من وجود معكرات للحياة الزوجية.

بعد هذه القواعد، نقول لك: إن الطريق إلى فهم الأسباب تكمن فيما يلي:

1- كثرة الثناء عليه ومدحه، وإعطاء الزوج قدره، وإيصال رسالة مفادها أنه الأهم في حياتك، وأنك تقدرينه وتحترمين رأيه، وأنك لا تحبين مخالفته، فإن هذه الرسالة متى ما وصلت إليه لن يكون عصبي المزاج، أو يحاول إظهار الذات.

2- كوني معه واضحة وصريحة، فإن الشخصية الشكاكة أو سيئة الظن تثور متى ما رأت كذبًا، أو شاهدت ريبة في أمر ما، غير أننا ننبه إلى أن حياتك قبل الزواج وما قد يكون فيها من أخطاء، لا يجب أن يعلم بها الزوج حتى لو أصر على ذلك.

3- بين كل زوجين أمور مشتركة وأخرى مختلفة، عظمي المشتركات بينكما، وأظهري كمية التوافق، حتى تغلقي أبواب الشيطان عليك.

4- أكثري من الاستماع إليه، واجتهدي في محاولة فهمه، وحاولي بناء جسر من الثقة بينك وبينه، بحيث يأمن الحديث معك في أي شيء، دون الخوف أو القلق من تسرب ما يقول إلى من لا يريد.

هذه الأمور تحتاج منك إلى صبر وطول نفس، ودعاء، وهي أمور طبيعية تحدث في كل بيت، فلا تقلقي.

وعليه فإننا ننصحك بعد أن استشرت واستخرت الله، أن تتوكلي على الله، وتنفذي ما ذكرناه آنفًا، وستجدين الخير -إن شاء الله-.

نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً