الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أهتم لكلام الناس وأنفعل بسرعة، فكيف أتخلص من ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا امرأة متزوجة، ولدي 4 أطفال -الحمد الله-، حياتي الزوجية جيدة جدًا، ومشكلتي هي:

أني أكترث لأمر الناس بشكل كبير جدًا، وأهتم لرأيهم بي، وأنفعل بسرعة، وشخصيتي مزاجية، وأي موقف صغير وغير مهم يصبح همي طوال اليوم، أفكر في الناس وأقول: ماذا يقولون عني؟ وأتخيل سيناريوهات طويلة غير موجودة.

علمًا أن معدتي حينما أتوتر تؤلمني كثيرًا، أتمنى أن أثق بنفسي، ولا أهتم للناس وكلامهم، فأنا حزينة على نفسي؛ لأني غير سعيدة بحياتي ومترددة دائمًا.

أخيرًا: أنا قريبة من صديقة من العائلة، وهي تشغل بالي، وأشعر بأنها تستفزني وتعطيني طاقة سلبية، حاولت الابتعاد عنها بدون فائدة، ولكني بدأت بتقليل الحديث معها، واكتشفت بأنها شخصية نرجسية.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم أحمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يجلب لك الطمأنينة والسعادة والأمان.

لا يخفى على أمثالك من الفاضلات أن رضا الناس غاية لا تدرك، وأن الإنسان ينبغي أن يجعل همه إرضاء الله تبارك وتعالى، وإذا رضي الله عن الإنسان جلب له محبة الناس، إذا أقبلت على الله بقلبك، أقبل الله بقلوب الناس إليك، والعظيم يقول: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا}.

فإن الإنسان إذا عمل الطاعات، وأدى ما عليه تجاه ربه، أمر جبريل أن ينادي في السماء أن الله يحب فلانًا، أو فلانة فأحبوه، فيحبها، أو يحبه أهل السماء، ثم يلقى له القبول، أو لها القبول في الأرض.

فاحرصي على الطاعة لله تبارك وتعالى، واعلمي أنك أعلم بنفسك من الناس، والله أعلم بك منهم، ومن الظلم لأنفسنا أن نضخم ما عند الناس، ونحتقر أنفسنا، ثقي أن الله قد ميزك بصفات، وميز الأخريات بصفات، والعاقلة تكتشف ما وهبها الله من الهبات، فتؤدي شكرها لتنال بشكرها لربها المزيد، فنسأل الله أن يعينك على تجاوز هذه الصعاب.

أما بالنسبة لمخالطة الناس، ومخالطة صديقتك التي تكتسبين منها طاقة سلبية، فنحن نريد أن نقول: الإنسان في تعامله مع الناس أشكال، منهم: من هو كالغذاء نحتاجه أحيانًا، ومنهم كالدواء لا نحتاجه إلا في حالات الضرورة، ومنهم من هو كالهواء تكثر حاجتنا إليه، ومنهم من هو داء وبلاء يجب الابتعاد منه.

وننصح بأن تبقي شعرة في العلاقة حتى مع الأخت التي تعطي طاقة سلبية، ولكن سعدنا أنك بدأت بتقليل مساحة الكلام معها، والتواصل معها، واشتغلي بأطفالك وبحياتك، وبالعناية بنفسك؛ وقبل ذلك بعبادتك لربك، وبالهوايات النافعة المفيدة، واعلمي أن وجودنا مع الناس، ومخالطة الناس له ثمن؛ لذلك المؤمنة التي تخالط وتصبر، خير من التي لا تخالط ولا تصبر، فنسأل الله أن يعينك على الخير.

ونؤكد مرة أخرى بأهمية الإخلاص لله، وأن تجعلي هدفك إرضاء الله تبارك وتعالى، ولا تطمعي في مدح الناس أو ذمهم؛ لأن الناس دائمًا كما قلنا: رضاهم غاية لا تدرك، والعاقلة مثلك تجعل همها إرضاء الله، وتشغل نفسها بما خلقت لأجله، والمرأة تنال خيرًا كثيرًا عندما تشتغل بعيالها وبزوجها، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأسماء بنت يزيد: "افهمـي أيتها المرأة وأَعلِمي مَن خلفك من النساء: أن حسن تبعُّل المرأة لزوجها (أي حُسن مصاحبتها له) وطلبها مرضاته ، واتـبـاعـهـا موافقته يعدل ذلك كله (أي كل الأعمال الصالحة التي اختص بها الرجال، ولا تستطيع المرأة أداءها، فانصرفت المرأة وهي تهلل."، فاحرصي على المهام الشريفة التي كلفتك بها الشريعة، ونسأل الله أن يعينك على الخير.

أما بالنسبة للتردد؛ فأرجو أن لا تترددي في اتخاذ القرارات الصحيحة، وتأملي دائمًا في عواقب الأمور ومآلاتها، واعلمي أن هذا الكون ملك لله، وأنه لن يحدث في كون الله إلا ما أراده، وأن على المؤمنة أن تفعل الأسباب، ثم تتوكل على الكريم الوهاب سبحانه، نسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يشغلك بطاعته، وأن يعينك على القيام بوظائفك الأصلية.

وتذكري أن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، ولا تراقبي الناس وتصرفاتهم، فإن من راقب الناس مات همًا، وشغل نفسه بغير ما خلق له.

نسأل الله أن يشغلنا جميعا بطاعته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً