السؤال
السلام عليكم..
فضيلة الدكتور:
سأحاول من خلال رسالتي هذه أن أفسر لك حالتي، لأنها حالة يصعب فهمها.
أنا يا فضيلة الدكتور فتاة أبلغ من العمر 27 سنة، محامية، ومتحجبة، وأقوم بكل ما يرضي ربنا تبارك وتعالى، إن شاء الله.
منذ العاشرة واظبت على الصلاة وعملت جاهدة على تطبيق تعاليم الإسلام، وجدت نفسي متعلقة بقوة غريبة اسمها الله، فأحببته وأحببت رسوله الكريم وتعلقت بالقرآن.
عشت في الطمأنينة والسكينة والسعادة والتفاؤل، لا أفكر إلا في إرضاء ربي لأنال الجنة.
فجأة ومنذ 3 سنوات، فتحت عيني ذات ليلة ووجدت نفسي مضطربة حائرة، ما الذي أصابني؟ فاقشعر منه بدني؟ وبدأت الأسئلة تنهال على عقلي، من أنت؟ ومن الإنسان؟ ما هي هذه الدنيا؟ من هو الله؟ ما معنى الله؟ من خلقه؟ ما هي الجنة والنار؟ ما هو الخلود؟ هل أنت فعلاً موجودة أم أنك غير موجودة؟
ضحكت في البداية وحاولت طرد هذه الأفكار لكنها كانت ملحة وصاحبتني ليالي وأياماً ولم أجد لها أجوبة؟ مما زاد في اضطرابي وحتى التي وجدت لها أجوبة لم أكن مقتنعة بها، وأحسست بأني أفقت على حقيقة مزعجة أدخلتني في دوامة الحزن والاكتئاب، فندمت كثيراً لأني سمحت لعقلي أن يفكر في أسئلة فوق طاقة البشر.
أرجو يا فضيلة الدكتور أن تكون قد فهمت ولو جزءا مما فكرت فيه، لأني شعرت بالعجز عن وصف الضياع الذي كنت فيه، بعد هذه التجربة القاسية أقبلت أكثر على طاعة الله سبحانه، ونسيت نوعاً ما من هذه الأسئلة، لكني كنت دائماً خائفة بيني وبين نفسي من أن تعاودني تلك الأفكار.
حاولت، جاهدت، أن لا أطرق هذا الباب مجددا، لكن هيهات، لقد عادت إلي هذه الأسئلة اليوم وبأكثر حدة وألم.
لقد تعبت يا فضيلة الدكتور مما أنا فيه، خارت قواي وأنا أقاوم بكل ما عندي، علني أنقذ ما يمكن إنقاذه من الطمأنينة والسكينة، فأصابني الجزع والاضطراب واليأس.
إن ما يزيد في قلقي هو أني عندما تأتيني تلك الأسئلة أشعر بالنقمة (أستغفر الله) ويخيل لي أننا نحن خلق الله لعب بين يديه سبحانه (أستغفر الله) وأحس بالفناء والتعاسة، لأنني إنسان لا أعرف هويتي ولا مصيري، وأشعر بالرعب من الحياة الأخرى والخلود، وأتساءل إلى متى إلى متى؟ وأتوه في هذا إلى أن أشعر بصداع وغيبوبة.
أعلم بأني مخطئة في التفكير بكل ذلك، ولكن لا أستطيع أن أضع حدا لذلك، وحتى وإن أفلحت في ذلك أبقى قلقة من الحقائق التي توصلت لها، فهذه الحياة غامضة، وهناك لغز إن توصلت لحله فسأكون سعيدة، وإن فشلت فأنا شقية لا محالة.
فضيلة الدكتور! أنا خائفة حائرة، أرجو منك أن تفهمني وتفسر لي حالتي هذه؟ قيل لي أنه من تلبيس إبليس، وأنه عين حاسدة، وأنها أفكار وسواسية، وأنا لست مقتنعة رغم قوة الحجة.
أرجوك يا فضيلة الدكتور، إني خائفة ومرهقة، ضيعت كل شيء في حياتي! وبت أركض وراء هذه الأفكار، وأعيش حالة من الحيرة منذ أكثر من شهر، أحس بأني في طريق العصيان، فقدت أعصابي وراحتي، أصبحت حياتي جحيما، أفكر في الانقطاع عن عملي والانزواء في مكان بعيد، ساعدني يا شيخ! لا أريد إلا أن أكون إنسانة مؤمنة إيمانا صادقاً وراسخا، وأن أجد السعادة والسكينة التي فقدتها.