الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أختي الصغيرة تسيء معاملتنا وتتمرد علينا، فكيف نتصرف؟

السؤال

السلام عليكم

سأدخل في الموضوع، لدي أخت أصغر مني، وأنا الأخت الكبرى للعائلة، عندما كنا صغارًا، كنت أقسو عليها أحيانًا عندما تخطئ، مثلاً: لو رأيتها في النافذة وخفت أن تقع، أضربها، وهكذا كانت ردود فعلي على تصرفاتها، بقسوة، وهذا كان حالي مع أخي أيضًا، لكني أنسجم معه أكثر؛ لأنه الأقرب لي عمريًا، هي تصغرني بخمس سنوات، ولهذا أمي أصبحت تهتم بها أكثر، وتخبرها أن ترد علي، وتضربني أيضًا وتدافع عن نفسها، منعتني أنا وأخي من السب والضرب نهائيًا.

كبرنا وأصبحت أختي تتجاوز كثيرًا، وأسلوبها أصبح سيئًا أخلاقيًا مع الكل، تضرب وتسب أبي وتقلل الاحترام كثيرًا، مع أنني تغيرت عن السابق، وكلما أردت التقرب لها -لأنها أختي الوحيدة- تكون حادة معي بسبب تعليمات أمي، التي كانت تخبرها أن تتعامل كأننا أعداء لها، ويجب حماية نفسها.

أصبحت تسب وتتعامل بأسلوب سيء جدًا، حتى لو سألتها عن شيء طبيعي مثل "هل رأيتِ أمي؟" أو "متى سيعود أبي؟"، تجيب بنبرة غضب، وصوت عالٍ، أو حتى لا تجيب وتتجاهلني.

تعامل أمي مع الموضوع أنها لا تستطيع فعل شيء؛ لأنها كبرت وتعبت من الحياة، لكن بنفس الوقت لا تسمح لي بالرد عليها أو وضع حدود.

كم حاولت التكلم معها، لكن لم يفلح الأمر أبدًا، أصبحت لا تحترم أحدًا وأمي لا تغضب منها، تقول إنها لا تزال صغيرة، وستتعلم مع الوقت، لا يوجد عندي حول لتربيتها من جديد، مع أن أختي حاليًا بعمر 13 سنة، والاحترام يجب تعليمه منذ سن صغيرة.

إضافة على ذلك، فهي تسرق أغراضي، وتقول إنها خاصتها، وأمي تؤيدها مع أنها تعرف أنها لي، حتى الملابس بحجمي، لكنها لا تقول شيئًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Fatima حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يهدي شقيقتك الصغيرة لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو، وأن يصرف عنها سيء الأخلاق والأعمال، فإنه لا يصرفُ سيئها إلَّا هو.

وأرجو أن يعلم جميع أفراد الأسرة، أن الاستمرار مع الأخت الصغيرة بالطريقة المذكورة سيجلب لها المتاعب في حياتها، لذلك من المهم أن يكون هناك نصح لها، وأن تُوقف عند حدِّها بطريقة مناسبة، وأرجو أن يكون للوالد ولشقيقك دور كبير في إقناع الوالدة حتى تُغيّر طريقة تعاملها، وتوجّه النصيحة لابنتها الصغيرة، لأن هذا يُلحق بها الضرر في مستقبل حياتها، ولن تستطيع أن تسعد مع الآخرين، فعليها أن تتعلَّم احترام مَن هم أكبر منها سِنًّا، والشريعة تدعو الكبير إلى أن يرحم الصغير، وتدعو الصغير إلى أن يحترم مَن هو أكبر منه سِنًّا، وإذا استمرَّ الوضع على هذه الطريقة، فهذه الفتاة ستضر نفسها كثيرًا، وستواجهُهَا صعوبات كبيرة في حياتها، والإنسان دائمًا ضعيف بنفسه قويٌّ بإخوانه، وأقرب الناس للإنسان هم أشقاؤه والشقيقات، الذين يحتاج إليهم في صعوبات الحياة وتقلُّباتها.

ونتمنَّى أيضًا إذا وجدت فرصة مع الوالدة -بعيدًا عن هذه الأخت- أن تُبيّني لها أنك تواصلت مع الموقع، وأن الخبراء ينصحون بضرورة تقييم سلوك هذه الأخت الصغيرة، وعدم معاملة أفراد الأسرة معها باعتبار ما كان من الماضي، الذي كانت الدوافع فيه طيبة، حتى قسوتك معها من الواضح أنه كان لمصلحتها ولشدة خوفك عليها. وليس معنى هذا أننا نؤيد القسوة، ولكن لا نستطيع أن نعيد ونرجع عقارب الساعة إلى الوراء، فلا بد من طي الصفحات القديمة، وتأسيس أسرة فيها التعاون، وفيها الاحترام، وفيها القُرب، وفيها المعاونة، وفيها النصح، وبهذا تصلح أحوال الجميع، ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولكم التوفيق والسداد.

أكرر نصحي لك بدعوة الوالد إلى أن يُشارك، وإلى أن يقول أيضًا كلمة واضحة، خاصة بعد أن وصل تطاول الصغيرة على الوالد، وهذا لا يُقبل من الناحية الشرعية، ودور الأم في التصحيح هو الأساس، فنسأل الله تبارك وتعالى أن يؤلّف القلوب، وأن يغفر الزلّات والذنوب، ونتشرفُ جدًّا إذا تواصلت الوالدة معنا، أو حتى تواصلت ابنتنا الصغيرة معنا، لتستمع للنصائح التي تُعينها على استئناف حياة أسرية بطريقة صحيحة.

ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والهداية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً