الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أنصح قريبتي بطريقة مناسبة لترجع عن الطريق الخاطئ؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله لكم في هذا العمل الصالح النافع للأمة.

أعرف فتاةً على صلة قرابة مني، وعرفت أنها تكلم الشباب على الإنترنت في جميع وسائل التواصل تقريباً، وأنها تطلب أرقام الشباب من أقربائها بكل وقاحة ودون حياء، ولا تستحيي من ذلك، بل إنها تكلم العديد من الشباب في نفس الوقت، فبماذا أنصحها، وكيف تكون النصيحة؟ لأن الموضوع كبير وزاد عن حده.

أمها متوفاة ووالدها تزوج وابتعد عنها، وتعيش مع جدتها وأولاد جدتها، وقد نصحوها وشكوها لجدتها، لكن جدتها وقفت في صفها ورفضت أن يتكلم أحد عنها بالسوء، ولكن الأمر واضح وجليل.

شكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام بأمر الفتاة المذكورة، ونسأل الله أن يهديها لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو، ونتمنَّى أن تستمر في حمل هذا الهم، ونقترح عليك أن ترى مَن الذي يمكن أن يُؤثّر عليها من المحارم من أهلها، من الكبار، من العقلاء، من الداعيات الفاضلات، وأرجو ألَّا تُدخل نفسك في هذا الموضوع دون أن تتوقع الردود المعقولة.

هل أنت الأكبر سِنًّا أم هي الأكبر منك سِنًّا؟ هل يوجد أحد من محارمها مَن يستطيع أن يُؤثّر عليها إذا وصلت إليه هذه الفكرة، وعنده من الحكمة واللباقة ما يستطيع أن يُوقفها من السير في هذا الطريق الذي يُوصلُ إلى نفقٍ مظلم؟ وهل يمكن أيضًا أن تصل النصيحة بحيث يُؤثّر على جدتها التي تدافع عنها؟ أيضًا هل تجدون من البنات، من الزميلات، من الصديقات، من المعلّمات، من الفاضلات، ممَّن يعرفها، مَن يمكن أن تكون مناسبة في توجيه النصيحة لها، وتذكيرها بالله تبارك وتعالى؟

إذًا: نحن عندما ننصح ينبغي أن نبحث عن أحسن السبل، وينبغي أن نختار الذي يمكن للمنصوحة أن تستمع إليه وتقبل كلامه، وأيضًا نتفادى الأخطاء التي وقع فيها الذين قبلك، فلعلَّ أسلوب التشهير بها والطريقة التي وصلت، جعلت الجدّة تقف معها، وتدافع وتنافح عنها.

أرجو إذًا أن نتخذ الوسائل المناسبة؛ حتى نعينها على إضعاف كيد الشيطان وليس العكس، فإن النصيحة إذا لم تكن بطريقة صحيحة وكان فيها فضيحة، فإنها قد تحمل الإنسان على العناد، كما قال الشافعي:
تَعَمَّدني بِنُصحِكَ في اِنفِرادِ ... وَجَنِّبني النَصيحَةَ في الجَماعَة
فَإِنَّ النُصحَ بَينَ الناسِ لونٌ ... مِنَ التَوبيخِ لا أَرضى اِستِماعَه
فَإِن خالَفتَني وَعَصِيتَ قَولي ... فَلا تَجزَع إِذا لَم تُعطَ طاعَة

أحب أن أؤكد مرة أخرى أن أي نصيحة لا بد أن تأخذ أسلوبها الصحيح، انتقاء الكلمات، اختيار الوقت، ذكر محاسن المنصوح قبل أن نذكر العيب الذي فيه، هذه كلها مفاتيح إلى القلوب.

نسأل الله أن يُعينك على الخير، ونشجع استمرارك في البحث معنا عن الطريقة المناسبة، والأسلوب المناسب، والشخص المناسب الذي يمكن أن يُوصل لها النصيحة.

بارك الله فيك، وكثّر من أمثالك، ونكرر عبارة عمر: (لا خير في قومٍ ليسوا بناصحين، ولا خير في قومٍ لا يحبُّون الناصحين) ونسأل الله أن يقرّ أعيننا جميعًا بهداية هذه الفتاة وجميع فتياتنا وشباب المسلمين.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً