الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أثبت على التوبة من علاقتي السابقة بفتاة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جعل الله هذا الموقع في ميزان حسناتكم، وجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى ﷺ في أعلى جنان الخلد، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

أنا شاب، عمري 22 سنة، منذ فترة تكلمت مع فتاة عبر موقع التواصل الاجتماعي -واتساب-، وطال الحديث بيننا إلى ثلاث سنوات، وكنت أعتبرها كأختي، وهي تعتبرني كأخ لها، إلَّا أنها كانت تخفي حديثنا عن أهلها، فسمعتُ من يقول إنه لا يجوز مصادقة أي امرأة إلا بهدف الزواج منها، وقد نهى رسول الله ﷺ عن صداقة النساء، فقلت في نفسي إني أحبها، وفي نفس الوقت لا أريد أن أقع في الحرام، ولا أريد أن أخالف ما نهى عنه رسول الله ﷺ، فقررت التقدُّم بطلب الزواج منها حتى تكون علاقتنا شرعية، فردت بأنها ما زالت صغيرة في العمر، وهي من بلد تبعد عن بلدي مسافة طويلة.

وبعد فترة كنا نلعب معًا لعبة كرتونية عبر الهاتف، وسمعتها تتحدث بكلمات سيئة وقبيحة جدًّا نحن الرجال نستحي منها، وقامت بإدخال شاب لا أعرفه في اللعبة بيننا، وكان يتكلم معها، ثم أخرجتني من فريقهم في اللعبة حتى لا أسمع حديثهم، وأصبحت تنفر مني بعض الشيء، ولم تعد تهتم لأمري كالسابق، وعندما سمعت صوت هذا الشاب وهو يكلمها ثار غضبي وجن جنوني، وغرت غيرة شديدة، ومن شدة الغضب والغيظ تعمدت قصدًا سَبَّها وقذفها عبر دردشة واتساب، لأجل هذه الخيانة التي اعتبرتها خيانة، فردت قائلة إنه ابن عمها وليس غريبًا، وقالت: سامحك الله.

بعدما حصل ذلك الأمر قمت بحظر تلك الفتاة من حسابي، وأريد التوبة من ذلك الذنب، وأخاف ألَّا يغفر الله لي بسبب أنني سببتها، فهل يجوز التصدُّق عنها حتى أكفر عن ذنبي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك في إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

وبخصوص ما تفضلت به فاعلم -أخي بارك الله فيك- أن ما فعلته أمر محرم، لا يجوز لك وأنت الشاب الصالح أن تقع في مثل هذا الذنب، وتحدثك مع فتاة لا تحل لك بدعوى أنها أختك أو أنك تريد الزواج منها؛ هو من تلبيس إبليس لك، وأنت لا ترضى أن يفعل هذا أحد مع أختك، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس.

أخي الكريم: قد حذرنا القرآن من الانسياق خلف الخطوات التي يضعها الشيطان لك، فقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.

وقد استدرجك الشيطان حتى أوصلك إلى ما وصلت إليه اليوم، أغضبت ربك، وضيعت وقتك في المعاصي، وشغلت قلبك بما لا يحل لك، ولكن نحمد الله أن أراك حقيقة الفتاة، وصرف عنك شر التواصل معها، وإنا نرجو الله أن يجعلها توبة صادقة يعقبها الثبات على الحق.

أخي الكريم: أنت من خلال حديثك متدين يظهر عليك أمارات الصلاح -ولله الحمد-، والمسلم يجب أن يضع أمامه هدفًا يصل إليه، هذا الهدف هو الطريق إلى الوصول إلى السبعة الذين يظلهم الله في ظله، والفرصة لا زالت أمامك فاحرص أن تكون كما قال النبي ﷺ فيهم: (وشاب نشأ في عبادة الله)، ولا يُضَعفنك الشيطان، أو يُوهن عزمك بما وقعت فيه من ذنب، فـ (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) كما أخبر بذلك النبي ﷺ، فاستحضر الهمة (أُخيَّ) وعاود الرجوع إلى ربك، فما من طريق أصلح للعبد ولا أسعد له من هذا الطريق.

أخي الكريم: إننا ننصحك بأمور نرجو لك فيها السلامة:

أولاً: لا تفكِّر في الزواج ولا في الحديث مع أي فتاة إلَّا بشرطين:
1- أن تكون قادرًا على الزواج أو مستعدًا عمليًا له.
2- أن يكون ذلك بعلم أهلك وأهلها.
هذا هو الأساس الصحيح للبناء المستقر السليم الذي يُبنى على دراسة وتوقيت صحيح.

ثانيًا: البعد عن هذه الفتاة مطلقًا، ومسح رقمها بعد أن حظرته، واستبدال رقمك برقم آخر لا تعرفه هي، كما نوصيك أن تمسح كل رسائلها، وأن تغير كل وسيلة تواصل كانت بينك وبينها.
ثالثًا: نوصيك بالبحث عن رفقة صالحة يعينونك على الطاعة، ويجرونك إليها متى وَهَنَتْ عزيمتك أو ضعفت إرادتك.
رابعًا: اجتهد في طلب العلم الشرعي ولو في أوقات فراغك.
خامسًا: اجعل لك حظاً من قيام الليل، ووردًا دائمًا من قراءة القرآن، وحافظ على أذكار الصباح والمساء وأذكار النوم، والأذكار المُطلقة والموظفة في اليوم والليلة.
سادسًا: يكفيك الاستغفار عن السبِّ والشتم، وإن أخرجت صدقة بغرض تكفير الذنب فلا حرج عليك.

وأخيرًا: لا تفكِّر في الفتاة مرة أخرى، ولا تشغل نفسك بها، بل أشغل نفسك بتلك التوبة، واجتهد أن تجعل تلك التوبة لله خالصة، وهذه وصايانا لك، واحرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز.

نسأل الله الكريم أن يحفظك من كل مكروه وسوء، والله المستعان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً