الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من الاكتئاب والوساوس بعد فشل خطبتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تقدم لخطبتي شاب على خلق ودين، جلسنا نتحدث كثيرًا أثناء الرؤية الشرعية بوجود الأهل ما يقارب الأربع ساعات، تعلقت به من هذه المقابلة فقط، لا أعلم كيف، لكن هذا ما حدث، لم يتم الأمر، فقد اعتذر؛ لأن بيننا اختلافات فكرية، وأنا لا أستطيع أن أتجاوز الأمر.

أعلم أن الخيرة فيما اختاره الله، وأنا راضية وأعلم أن الله اختار الأصلح، لكن ما أشعر به في نفسي لا أستطيع أن أمنعه، هل من دواء يعينني حتى تمر هذه المرحلة؟ فقد أصبحت لا أبالي بشيءٍ، أريد شيئاً يهدئني لأعود لحياتي الطبيعية، كل يوم أعيد نفس الأفكار والحوارات مع نفسي حتى تهدأ، وفي آخر اليوم أشعر أني أخيرًا قد نسيت، ولم يعد الأمر يهمني؛ حتى أنام وأستيقظ في اليوم الثاني لأجد نفسي قد عدت لنقطة الصفر من جديد.

أُرهقت نفسياً وجسدياً، فبالله عليكم أرشدوني لما يعينني على نفسي، لأنني ألوم نفسي أني غير راضية بقضاء الله، بسبب ما أجد في نفسي، لكني والله راضية، وموقنة أني أمة لله يفعل بي ما يشاء، ولا أعترض، لكن ما أحس به بقلبي لا سلطان لي عليه، هل هذا هو السخط أم هذه وساوس؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.

أرجو أن تكوني سعيدة بما حصل، وتكوني أسعد برضاك بقضاء الله وقدره، فأنت أَمَة من إماء الله تبارك وتعالى، والله يفعل بخلقه ما يشاء، فسبحان مَن لا يُسئَلُ عمَّا يفعل وهم يُسألون.

هذا هو الإحساس الجميل الذي ينبغي أن تثبتي عليه، وما عداه من تشويشات ما هي إلَّا تدخُّلاتٍ من الشيطان، وهمُّ الشيطان أن يُحزن أهل الإيمان، فعاملي عدوّنا بنقيض قصده، إذا جاءك الشيطان فاذكري الله، تعوّذي بالله من الشيطان، أعلني رضاك بقضاء الله وقدره، ثم انصرفي؛ لأن هذا الشيطان يريد أن يُوصلك إلى عدم الرضا؛ ولذلك أرجو أن تُدركي أن الذي حصل خير، وفي الحديث النبوي (عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير ... وليس ذلك لأحدٍ إلَّا للمؤمن).

بل ينبغي أن تشعري أن ما قدّره الله وما اختاره الله هو الخير، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لو كُشف الحجاب ما تمنَّى الناس إلَّا ما حصل لهم)، قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: (كنّا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار)، والله يقول: {وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شرٌّ لكم}.

نسأل الله أن يُعينك على الرضا بقضاء الله وقدره، وهذا الرضا يكون بالدعاء واللجوء إلى الله، والمواظبة على ذكره وشُكره والمحافظة على أذكار الصباح والمساء، واليقين بأن ما يختاره الله لنا أفضل ممَّا نختاره لأنفسنا.

اشُكري الله تبارك وتعالى الذي جعل هذه الفُرقة تحصل مُبكّرًا، كان يمكن أن تقبلوا ويستمر، وبعد سنة أو شهر أو شهرين يترككِ، أو بعد حصول زواج وحمل فيكون الفراق أشد إيلاماً، فلذلك الإنسان عندما يتفكّر يجد نعمًا عظيمة في كلِّ ما يُقدّره الله تعالى له.

ثم عليك أن تتشاغلي؛ لأن الشيطان ينفرد بالإنسان، (وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية)، و(الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد)، فاحرصي دائمًا أن تكوني مع الأسرة ومع الصالحات، ومع كتاب الله، ومع الهوايات المفيدة، فإذا تعبتِ فعليك أن تذهبي إلى فراشك وأنت ذاكرةً لله، حتى لا يجد الشيطان مدخلاً من أجل أن يُوسوس لك.

نؤكد أيضًا أن الزمن جزء من الحل، فستأتي الأيام ويُنسى كل هذا الذي حدث، ونسأل الله أن يُهيء لك طارقًا للباب من الصالحين المُصلحين، ليُسعدك وتُسعديه.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً