السؤال
كنت أصلي صلاة الاستخارة وكانت تحقق لي الطريق السليم، وكنت منذ ثلاثة سنوات أصليها ولكني أقع في الضرر دائماً، هل من الممكن المساعدة لمعرفة السبب؟
كنت أصلي صلاة الاستخارة وكانت تحقق لي الطريق السليم، وكنت منذ ثلاثة سنوات أصليها ولكني أقع في الضرر دائماً، هل من الممكن المساعدة لمعرفة السبب؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك ولدنا الحبيب في استشارات إسلام ويب.
نشكر لك تواصلك معنا، ونهنئك أولاً على التزامك باتباع السنّة النبوية، والفزع إلى الصلاة إذا أردتَّ الإقدام على شيء، وهذا من توفيق الله تعالى لك، ينبغي أن تثبت عليه وتُداوم عليه.
صلاة الاستخارة - أيها الحبيب - وسيلة شرعية يطلب فيها الإنسان من الله سبحانه وتعالى أن يختار له خير الأمرين، اللذين يتردد في فعلهما من الأشياء المباحة، وطريقةُ ذلك قد وصفها النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ العَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ) ويُسمّي الأمر الذي يريد أن يُقدم عليه (إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي - أَوْ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ - فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي - أو فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ - فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رضّني به).
هذا هو الدعاء الذي علّمه النبي صلى الله عليه وسلم- للأُمّة في صلاة الاستخارة، يدعو به في هاتين الركعتين قبل السلام - كما يقول بعض العلماء - وبعد السلام أيضًا، وإذا دعا بهذا الدعاء فإنه ينتظر من الله سبحانه وتعالى أن يختار له الخير، وليس بالضرورة أن تظهر له علامة تدلُّه على ما هو الخير الذي اختاره الله له، بل ينبغي أن يأخذ بعد ذلك بالأسباب، وما يُيسّر الله تعالى وقوعه فهو إن شاء الله الخير الذي اختاره الله تعالى لهذا الإنسان.
قد يقع شيء من الأذى للإنسان، ولكن هذا لا يعني أبدًا أن الله سبحانه وتعالى لم يستجب له، فإن الإنسان لا يدري ما هي الأقدار المُغيّبة عنَّا، فربما كان هذا الأذى اليسير الذي حصل للإنسان هو الخير له مقارنةً بضررٍ أكبر كان سيقع فيه، فينبغي للإنسان أن يُحسن ظنّه بالله سبحانه وتعالى دائمًا، وأنه يستجيب الدعاء، ويسمع دعاء المضطر ويُجيبه إليه، مع الأخذ بأسباب جبر الدعاء، من ذلك الأكل الحلال، وقد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم (ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ)، فينبغي للإنسان أن يجتهد في الأخذ بأسباب إجابة الدعاء، ومن أهمها طيب المطعم والمشرب.
هذا لا يعني أن الله سبحانه وتعالى لا يستجيب لمن اضطرّ إليه ودعاه وإن كان عاصيًا، فإنه سبحانه وتعالى أجاب شرّ الخلق - وهو إبليس - وأجاب المشركين، وقد دعوه وقت الاضطرار في البحر، كما أخبرنا الله في كتابه الكريم في آياتٍ عديدة، فالله تعالى يُجيب دعوة المضطر.
إذا أردت صلاة الاستخارة أقبل على الله سبحانه وتعالى بقلبٍ حاضرٍ خاشعٍ، معتمد على الله، موقن ومُصدّق أن الله سبحانه وتعالى سيستجيب له، وأنه سيختار له خير الأمرين، وستجد ذلك بإذن الله تعالى.
نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.