الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سمعت كلاما عن الجن فأصابني الهلع والوساوس، ما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أريد في البداية أن أشكركم على جهودكم في هذا الموقع المفيد، والذي جعله الله ليكون سببا في علاج الناس وتشخيص حالتهم؛ لأن جهل المريض بحالته هو مرض بحد ذاته، كما هو الحال معي -عافاكم الله- وأنا أعاني الأمرين!

حالتي بدأت في سن (13) سنة؛ حيث دخلت المنزل بعد جلسة مع أصحابي، وكان موضوعها الجن، وأثرت بي كثيرا، خصوصا مع صغر سني، وأنا حين دخلت المنزل -وللصدفة- انقطع تيار الكهرباء، فأحسست أن شيئا يلمسني، وما كان ذلك إلا تهيؤات لا صحة لها، فلم أستطع النوم تلك الليلة؛ لخوفي الشديد، ولاعتقادي أن بداخلي جنيا! وأنني الآن ممسوس من الجان، فخفت وارتعبت كثيرا.

بعد (15) يوما من الخوف والهلع والتفكير الكثير بأني متلبس من الجن، اتجهت إلى راق شرعي، وبعد (3) جلسات أكد لي أنه لا يوجد أي أثر للْمس -والحمد لله-، لكني بعد الإقلاع عن الخوف من الفكرة الأولى أتتني مباشرة فكرة الخوف الشديد من الإصابة بالجنون بعد الصدمة النفسية التي عشتها تلك الفترة، فأصبحت كثير البكاء، وأشعر بحرقة في فروة الرأس، وثقل في رأسي، والتفكير والخوف من الجنون، وفقدان عقلي -عافانا الله وإياكم- استحوذ علي مئة بالمئة من تفكيري.

دخلت في فترة إحباط واكتئاب عكّر حياتي إلى الأسوأ، وبعد (3) أشهر اختفت كل تلك الأعراض من التفكير الدائم، والبكاء، والاكتئاب! كل ما أعرفه أني عدت إلى طبيعتي.

لكن بعد (6) أشهر عادت وبشكل أقوى من السابق، وبوساوس جديدة مضافة إلى السابقة، وعلى رأس الوساوس والأفكار المزعجة هي الخوف من الجنون، وعندما أرى مجنونا أسأل: ما سبب جنونه؟! وأخاف أن تدوم هذه الحالة مدى حياتي، وأن لا أحد يستطيع إنقاذي منها حتى الطبيب النفسي، بل حتى الله عز وجل -أستغفر الله-، ومثل السابق اختفت الأعراض بدون علاج دوائي أو سلوكي، لكن هذه المرة كانت هذه الحالة ثلاث أو أربع مرات في السنة من عام (2009) إلى (2015) إلا في عام (2013) لم تعاودني، وفترتها كانت لا تتعدى أربعة أسابيع، ومن ثم أعود تدريجيا إلى طبيعتي بدون أي علاج. وفي آخر العام الماضي التزمت بصلاتي، واقتربت منها أكثر من أي فترة، وعشت (6) أشهر جميلة ذقت فيها حلاوة الإيمان.

بعد رمضان (2015) عاودتني هذه الحالة التي أنا فيها الآن، تقريبا منذ (3) أشهر وأنا أعاني أتت أقوى من ذي قبل بوساوس وأفكار سلبية، والمشكلة الرئيسية أني لا أستطيع النسيان، ودائم التفكير: كيف أحل مشكلتي هذه؟ ماذا إن لم تزل؟ تبقى معي طول حياتي؟ حتما أني سأؤذي نفسي.

تصفحت كل الأندية، وقرأت عن الأمراض النفسية، ووجدت بعض الأعراض عندي في مرض الكآبة، وبعض أعراض في الوسواس القهري -لكن بدون طقوس قهرية-، وعندي ثقل رهيب في رأسي، وألم خفيف في رأسي، وهذه المرة طالت المدة، وفيما مضى كانت لا تزيد عن أربعة أسابيع، لكن الآن (3) أشهر في تدهور يوما بعد يوم، وهناك شعور لا أستطيع وصفه بأحرف في داخلي، وعندما أستيقظ فأول شيء أتذكر حالتي، و(24) ساعة بالي مشغول بها.

أسئلتي:
1- إن كان تشخيصك لحالتي بالوسواس القهري، فما هو وسواسي بالضبط؟
2- كيف تفسر عودة هذه الحالة على فترات، مثلا هي تعاودني عندما أتذكرها، وأعيد ذكرياتي معها، بأن أذهب إلى مكان كنت فيه، وكانت معي هذه الحالة؟

عذرا على الإطالة، كما أرجو أن تصف لي بعد التشخيص علاجا دوائيا؛ لعدم قدرتي على زيارة الطبيب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ salah حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.

حادثة الاعتقاد أنه قد مسَّك جنِّيٍ بعد انقطاع التيار الكهربائي ودخولك المنزل، هذه حادثة مهمَّة جدًّا من الناحية النفسية؛ لأنك في ذلك الوقت في عمرٍ صغير فيه الكثير من الهشاشة النفسية وعدم التوازن الوجداني، ولا شك أن الحديث حول الغيبيات والاعتقاد في المسِّ وتدخل الجن أمر مرعب ومرعب جدًّا.

أعتقد أن هذه الحادثة هيَّأت تكوينك الداخلي لتكون قابلاً للمخاوف، والقابلية للمخاوف تُهيئ الإنسان للوساوس ولا شك في ذلك، والوساوس في حد ذاتها أصلاً تقوم على القلق.

فإذًا أنت مررت بكل هذه المراحل، والذي تعاني منه -لا شك- وساوس قهرية، والذي يُميِّزُ وساوسك كوساوس مخاوف هو هذا الفكر الاستباقي، الفكر التوقعي الافتراضي، ولذا هذا النوع من الوسواس يُعالج من خلال التحقير، والرفض التام، وعدم مناقشة الفكرة، وإغلاق الباب عليها تمامًا. هذا قد لا يكون سهلاً، لكن بشيءٍ من الممارسة والإصرار على ألا تناقش الوسواس، ألا تحاور الوسواس، ألا تخضعه للمنطق؛ لأن الوسواس لا منطق فيه؛ هذا يُقلل كثيرًا من استحواذية الوساوس، ويجعلها أكثر هشاشة.

ويأتي بعد ذلك العلاج، والعلاج يكون للوساوس وما يُصاحبها من عُسْرٍ اكتئابي، فوساوسك هي وساوس المخاوف من الجن، هذا في المقام الأول، وهو بالفعل وسواس سخيف، والأعراض النفسوجسدية التي تظهر عليك هي ناتجة من القلق، والقلق – كما ذكرنا– هو مكوِّن رئيسي للوسواس.

إذًا العلاج الدوائي مهم بجانب العلاجات السلوكية، وقطعًا إن ذهبت وقابلت طبيبًا نفسيًا هذا سيكون هو الأمر الأفضل والأحسن، وعقار مثل (زيروكسات Seroxat) والذي يسمى تجاريًا (ديروكسات Deroxat) ويسمى علميًا باسم (باروكستين Paroxetine) سيكون جيدًا؛ لأن مكوِّن المخاوف في وساوسك واضح، والديروكسات له خاصية كبيرة في علاج المخاوف.

يفضل أن تتناول ديروكسات (CR)، والجرعة هي (12,5) مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم تجعلها خمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضها إلى (12,5) مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم (12,5) مليجرام يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ، ثم (12,5) مليجراما مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عن تناول الدواء. الدواء غير إدماني، وهو دواء ممتاز وفاعل.

نسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • رومانيا أبوخليل

    الله يشفيني ويشفيك لاتستسلم للوسواس والحالة النفسيه اللي تمربها عافاك الله والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير

  • المغرب مريم

    عندي نفس الحالة

  • الجزائر زهره زهيره

    الله يشفيك انه مرض علاجه قوه العزيمه والاصرار

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً