الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعامل مع زوجي الذي لا يصلي ولا أرغب بالطلاق فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا امرأة متزوجة منذ سنتين، كنت أحب زوجي أكبر حب، حتى اكتشفت بعد سنة من الزواج أن زوجي غير محافظ على الصلاة، يصلي مرة وعشرات المرات لا يصليها، حزنت وانجرح قلبي بشدة، لم أكن أريد أن يكون زوجي هكذا، حاولت معه بكل الطرق بداية بالتلميح، ثم الاعتراف إلى كل الوسائل، ولم يتغير، فهو يرفض الاعتراف بذلك التقصير، ولا يريد من ينصحه.

لقد اكتشفت مسائل أخرى دلت على قلة التزامه، صبرت ورفضت أن أطلب الطلاق لأنني أنجبت طفلي منه، أصبت بالاكتئاب بسبب ذلك الموضوع، أكملت السنة وما زلت على حالي نفسه، ذهبت إلى الأطباء النفسيين حتى أتعالج من الاكتئاب والوساوس، علما أن طفلي يبلغ من العمر سنة واحدة.

أشعر بأنني لا أطيق زوجي، وأنني صابرة فقط من أجل هذا الطفل، ولولاه لطلبت الطلاق منذ علمي في أول مرة، تعبت من زوجي، وجربت كل الوسائل، النصح، والغضب، والدعاء، والبكاء، والتضرع، والصلاة، والصدقة، قمت بكل شيء تتخيلونه، أكملت السنة وأكثر وزجي لم يتغير، أشعر بالحزن الشديد، وفقدت الأمل فيه وفي تغييره، لم أعد أدعو الله كما كنت أفعل في السابق.

أريد أن أعلم، هل هذا سوء ظن في الله، أم أنه سوء ظن بزوجي، لم أعد أثق في زوجي إطلاقا، لست سعيدة معه، ولا أطيق أن أدعو له، يئست من جميع تصرفاته.

هو يحبني ومتمسك بي وأنا أرفض الطلاق بسبب طفلي، ولكنني أخاف أن أغضب ربي ولا يرضى علي بسبب حالة اليأس التي وصلت لها، أعلم أن الله قادر على شيء، وقادر علي تغييره، ولكنني تعبت، وأشعر أن زوجي لن يتغير أبدا، وأنني سوف أعيش حزينة طوال حياتي، ولربما يزداد الوضع سوءا، وأن الله سيجزيني بسبب صبري في الآخرة وليس في الدنيا، هل هذا خطأ إحساسي ويقيني بالله؟ أخاف من حالي الذي وصلت له.

أفيدوني وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ردا على استشارتك أقول أختي الكريمة:

1- هذه نتيجة حتمية للتفكير العاطفي المجرد بالزواج، وعدم التفكير بالعقل المرتبط بالشرع، والتساهل في التحقق من توفر الشروط المطلوب توفرها في الزوج، وأهمها الدين، والخلق كما أرشدنا لذلك نبينا -عليه الصلاة والسلام- حيث قال: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)، وإياك والنظر إلى شروط جانبية وثانوية.

2- أنت صرت أمّاً، والواجب عليك أن تكوني قدوة لزوجك في المواظبة على أداء الصلوات الخمس والسنن والنوافل.

3- أنصحك بحسن التبعل مع زوجك، وكوني بأبهى حلة على سبيل الدوام، واهتمي بترتيب البيت، وإحداث التغييرات ما بين الحين والآخر ليكون جذابا، ولا تهملي مظهر زوجك، وأحسني من توديعه في حال خروجه للعمل، واستقباله في حين عودته، وتجهيز طعامه وتهيئة سبل الراحة بعد عناء العمل، فذلك سيجعله متعلقا بك، ومصغيا لنصحك.

4- ذكريه بأسلوب هادئ وبعبارات منتقاة بأهمية الصلاة، فهي عماد الدين، وأمانة، وخوفيه بالله تعالى، وأن الموت قد يأتي للإنسان فجأة، فماذا سيكون جوابه لله إن سأله لم لم تصل؟ وامدحيه وأظهري الفرح والسرور في حال أدائه للصلاة، ولو كان أداؤه متقطعا.

5- اقتربي من زوجك أكثر ولا تشعريه بالتضجر، ولا توجدي أجواء الضجر بل اجعلي الحياة كلها بسمة وسعادة.

6- تضرعي إلى ربك بالدعاء وأنت ساجد وفي أوقات الإجابة، أن يصلح الله لك زوجك، وأن يرزقه الاستقامة، وألحي على الله بالدعاء، ولا تضجري من كثرة الدعاء، ولا تيأسي أبدا، ولا تنقطعي عن الدعاء، ولا تفقدي الأمل، فزوجك لا يزال فيه صفات الخير، ولقد هدى الله تعالى عتاة وصناديد كانوا عباد أصنام.

7- لا تفقدي الثقة بزوجك، لأن فقدانها سلبي وليس إيجابيا، وتعزيز الثقة سيبقي باب الأمل مفتوحا.

8- يسري له أسباب أداء الصلاة، وذكريه بها بأسلوب حسن وملاطفة حتى يؤديها، ومع الوقت سيعتاد عليها -بإذن الله-.

9- طالما وزوجك يجبك ومتمسك بك فاستغلي هذا الحب والتمسك في إصلاحه، وأنت أنثى وعندك من الصفات التي وهبك الله إياها ما يمكنك من التأثير عليه.

10- تواصلي مع محارمك المحافظين على الصلاة، وخاصة الذين يحترمهم ويصغي لنصحهم، واطلبي منهم الزيارة إلى بيتك واطلبي منهم تقديم النصح لزوجك بخصوص الصلاة، ولا يشعرونه بأنك من طلب ذلك منهم، ولتكن زيارتهم منفردين، لا أن يأتوا جميعا في وقت واحد، وحبذا لو كانت الزيارة قبيل أذان صلاة المغرب أو العشاء، من أجل أن يصطحبوه معهم إلى المسجد، فلعل الله يقذف الإيمان في قلبه.

11- لا بأس أن تتواصلي مع زميلاتك ممن لهن أزواج محافظين على الصلوات، واطلبي منهم زيارتكم إلى البيت، واطلبي من زميلاتك أن يكلفن أزواجهن بنصح زوجك ومصادقته، وتبادل الزيارات بينكم، فالصاحب له تأثير كبير وصدق النبي -صلى الله عليه وسلم- حين قال: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل).

12- أكثري من قراءة وسماع القرآن الكريم وذكر الله، فذلك سبب من أسباب الطمأنينة قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ألا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).

13- الزمي الاستغفار فهو سبب لتفريج الكروب كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا).

أصلح الله لك زوجك وهداه لأحسن الأخلاق إنه سميع مجيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • رومانيا ام غلا

    جزاك الله خيرا نفس زوجي استفت منها كثيراً

  • المملكة المتحدة بدريه حمد النيل

    جزاك الله خيرا هدنا الله واياكم جميعا

  • الجزائر لبنة

    شكرا على هده المعلومة

  • الجزائر ام صفا و مروة

    ادعو لزوجي لكي يحافظ على صلاته

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات