السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أولا: أشكر القائمين على هذا الموقع، وأسأل الله أن يجعلكم سببا في تفريج همي، وما دفعني لكتابة هذه الرسالة هو خوفي على نفسي وعلى دراستي وحياتي.
أنا فتاة في 15 من عمري، شخصيتي حساسة وقلقة، وهذا جعلني أصاب ببعض الاضطرابات التي ربما كانت تزعجني، ولكنها الآن زالت، ولم تزل جميعها، ومن ضمن هذه الاضطرابات الوسواس القهري الذي أصابني منذ فترة الطفولة، وكان دينيا، وبعد فترة من القراءة والبحث عن طرق العلاج عرفت كيف أسيطر على الفكرة الملحة وأنهي القلق، وهذا من فضل ربي، وقد ظننت أني شفيت من الوسواس تماما، ولكن يبدو لي أنني انتقلت إلى عرض آخر، وأريد أن أتأكد هل هو وسواس حقا؟
أنا حريصة جدا على ديني، وأخشى دائما أن أقع في ذنب دون أن أعلم مع رجائي في رحمة الله الواسعة، والمشكلة ليست هنا، بل المشكلة هي أنني أحيانا أكون في وقت فراغ فيقفز إلى ذهني سؤال: ما حكم كذا؟ ولا يكون السؤال وسواسيا؛ حيث أني بمجرد أن أحصل على الحكم يهدأ بالي، ولكن المصيبة هي أني أحيانا لا أجد سؤالي أبدا، وأظل أبحث في كل موقع، فإن لم أجد أسقط في دوامة من القلق والهم والحزن والاكتئاب، وأحيانا أبكي بكاء مريرا، لا أعتقد أن هذه تقوى مطلقا، فأي تقوى تلك التي تجعلك تقع في اكتئاب حاد، وجزع، وسخط، وتمني الموت، والإحساس باليأس، وعدم الجدوى حتى من الدعاء -والعياذ بالله-!
للأسف هذا الأمر تكرر معي أكثر من مرة، إن لم أجد الفتوى؛ يجن جنوني، وتتوقف جميع أمور حياتي، ويشحب لوني، وتتدهور صحتي، وينقص وزني بشكل ملحوظ، وأصاب بالعجز حتى عن العبادة، وإذا حاولت أن أهدئ من نفسي وأذكرها برحمة الله؛ يأتيني شعور أن هذا أمن مكر الله، وعلي أن أبقى متوترة وقلقة، حقا تعبت من هذا الأمر جدا، وهذه الأسئلة بعضها يكون منطقيا، وبعضها ربما يفتقد للمنطقية، وبعد أن كادت تقضي علي صرت أعتبرها وسواسا فتجاهلتها، وصرت أقطع الفكرة، وكان بالي مرتاحا، ولكن ما جعلني أقلق وأعود للتفكير هو أني أكتشف فيما بعد أن بعض هذه الأفكار ليست وسواسا، وهذا الأمر فعلا محرم، فصرت أجد صعوبة في إبعاد الفكرة؛ لأنني لست متأكدة، فربما تكون حقيقية!
آخر هم مررت به هو أني ذات مرة قررت أن أجعل معاملتي للناس كلها لله، وقلت: بهذه الطريقة سأحصل على الأجر، وأنال الراحة النفسية. وكانت تأتيني بعض الوساوس وأتجاهلها، فبحثت ذات مرة ووجدت حكم العمل الصالح لأجل الدنيا، فصدمت كثيرا، وتبت، واعتبرت نفسي من هذه الفئة؛ لأنني فعلتها بغرض منفعة، وهي الراحة النفسية، وقلت: حسنا! لكي أرتاح؛ لن أعامل الناس لله، بل لنفسي! حتى أسلم من العقوبة، فقفزت لي فكرة أن الأخلاق يجب أن تكون لله، وإن لم تكن لله فإني آثمة، فوقعت في حيرة فلا أنا أستطيع أن أجعلها لله؛ لأني فعلتها بدافع منفعة، وهي الراحة النفسية، وأيضا سيأتيني وسواس في كل جملة أنطقها: هل هذه لله أم لا؟ مما يسبب لي مشاكل اجتماعية، وفي نفس الوقت لا أستطيع جعل أخلاقي لنفسي؛ خوفا من أن تكون من الأعمال التي يجب فيها الإخلاص.
أصبت بقلق كبير جدا، ومعه أعراض نفسية؛ شرود، قلق، كثرة تفكير، ألم في الكتفين والرقبة، اضطراب في المعدة، دوخة، ضيق تنفس، فضاقت علي الأرض بما رحبت، وضاقت علي نفسي، فما تشخيصكم لحالتي؟ حيث إني غالبا ما أكون في قمة النشاط والسعادة عندما أشعر أن أموري الدينية بخير، وهذا لا يعني أنه ليس هناك أشياء أخرى تحزنني، ولكن أكثرها بسبب الدين، وتنقلب حياتي رأسا على عقب؛ عندما أشعر أن هناك أمرا ليس بخير.
أرجو أن تنقذوني وترشدوني؛ لأني فعلا احترت في هذا الأمر، ولا أريد أن يؤثر على دراستي، ولا على نفسيتي، ماذا أفعل إذا احترت في حكم شيء ولم أجد جوابا؟ وهل علي أن أبقى قلقة عندما أكون في هذه الحالة حتى الوسواس يتمكن مني؟ فأحيانا أسأل حتى عن حكم الزينة، وأشعر أني آثمة، وأشعر بالذنب؛ لأني سعيدة، أو أستمتع بوقتي في المباح، ولكني أتدارك الأمر وأطرد الفكرة، وهذه الأعراض مصحوبة باكتئاب حاد يجعلني أقول: إنني أتمنى الموت -عياذا بالله- رغم أني لا أتمناه حقيقة؛ لأني أعلم نهايته، ولكن لأخرج ما بداخلي أرجو أن ترشدوني نفسيا ودينيا، ربما كانت أسئلتي كثيرة، ولكني في أمس الحاجة لمد يد العون، أنتم أملي بعد الله، فقد أثر هذا الأمر على حياتي.
أعتذر جدا على الإطالة، وجزاكم الله خيرا، ونفع بكم.