الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قطعت علاقتي بمن أحببته على أمل التقدم لي، فهل أرفض من يخطبني غيره؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تعرفت على شاب من الإنترنت، بعد مرور الوقت أحببنا بعضنا فتخطينا الحدود، وأصبحنا نتحدث عبر الهاتف، ثم قررنا أن نفترق بغية مرضاة الله، وعدني بأنه سيأتي لخطبتي عندما يحين الوقت المناسب, فنحن تركنا بعض متأملين من الله أن لا يحرمنا بعضنا، ومن ذلك اليوم لم نتواصل، مع العلم بأن الشاب أصغر مني بتسعة أشهر، فكيف نكفر ذنوبنا التي ارتكبناها؟ وهل يجوز لي رفض من يأتي لخطبتي بُغية انتظار الشاب؟ وهل من مشكلة في فارق السن؟

ولكم خالص الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فرح حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح الذي تَقَرُّ به عينك وتسكن إليه نفسك.

أولاً: نحن نُهنئك ونبارك لك ما وفقك الله تعالى له من قطع العلاقة بهذا الشاب، وترك التحدث إليه، فهذا هو الواجب الشرعي الذي يجب عليك، ونحن على ثقةٍ تامةٍ – أيتهَا البنت الكريمة – من أن طاعتك لله، ووقوفك عند حدوده، واجتناب ما حرَّم عليك، لن يَجُرَّك إلا إلى الخير، فإن تقوى الله تعالى سببٌ جالبٌ لكل رزق، كما قال الله سبحانه في كتابه الكريم: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب}.

وفي المقابل معصية الله تعالى، وتجاوز حدوده من أكبر وأعظم أسباب الحرمان، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (وإن العبد ليُحرم الرزق بالذنب يُصيبه)، وكما قال تعالى: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبتْ أيديكم ويعفو عن كثير}.

فاثبتي على ما أنت عليه من الوقوف عند حدود الله تعالى، وتجنبي الكلام مع أي رجل أجنبي بكلام من هذا الجنس، فإن الله تعالى قد قال في كتابه: {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض}، نهى سبحانه وتعالى عن مُجرد الخضوع في القول خشية أن يفتتن بهذا القول مَن في قلبه مرض الشهوة، فكيف إذا كان هذا القول من جنس هذا الكلام الذي ذكرتِ أنك كنت تتحدثين به مع هذا الشاب.

أما عن تكفير ما سبق، فتكفي التوبة فقط، والتوبة تعني الندم على ما فات، والعزم على عدم الرجوع إليه في المستقبل، مع ترك الذنب في الحال، فإذا تبت هذه التوبة، فإن الله تعالى يُكفِّر بها ما سلف من الذنب، وقد قال النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم -: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له).

وأما رفضك لمن يجيء لخطبتك انتظارًا لهذا الشاب، فهذا الشيء لا ننصحك به، فنصيحتنا لك، وهي نصيحة من يُحب لك الخير ويتمنى لك السعادة، أن تُبادري بالقبول بمن يخطبك إذا كان شخصًا مناسبًا، مُكافئًا لك، مرضيًا في خُلقه ودينه.

والشريعة الإسلامية مُرغبةً بتزويج الشباب والشابات متى أمكن ذلك، وعدم التأخير، كما قال سبحانه وتعالى: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم} وكما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج)، فهذا هو هدي الشريعة الاستعجال بالزواج لمن أمكنه وقدر عليه.

أما أن تنتظري وعودًا من هذا المجهول الذي قد يفي وقد لا يفي، وقد يقدر وقد لا يقدر، وقد يكون صادقًا وقد يكون غير صادق، ثم بعد هذا كله قد يكون هو الشخص المناسب وقد لا يكون، وقد يرضى به أهلك وقد لا يرضون، إلى غير ذلك من الاحتمالات الكثيرة، لا شك أن انتظار مثل هذا تضييع للمصالح، ومخالفة لمقتضى العقل السليم والنظر السديد.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يُلهمك الصواب، وأن يرزقك الرزق الحسن، وييسِّر لك الزوج الصالح.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً