الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنا مخطوبة وأفكر أن خطيبي يحب فتاةً أخرى، ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أنا فتاة عمري 24 سنة، أدرس في أمريكا، ضاقت بي الحياة، وسأحكي لكم قصتي، وكلي أمل أن تكونوا السبب في شفائي بعد الله عز وجل.

أعاني من أفكار سلبية طوال اليوم بلا توقف، أو بالأحرى هي فكرة واحدة لا غير، فأنا مخطوبة واكتشفت أن خطيبي كان يحب فتاة قبلي، وأنا متيقنة أنه يحبني، لكن تأتيني فكرة أنه يحبنا نحن الاثنين في نفس الوقت.

مع العلم أنه لم يحك لي عليها، وهذه الفكرة سيطرت عليّ، حتى إنني لا أستطيع أن أركز أو أدرس؛ لأن هذه الفكرة عالقة في ذهني في كل ثانية.

عندما أستفيقُ في الصباح فهي أول فكرةٍ تأتيني في بالي، حتى إنني لا أريد أن أقوم، وأفضل النوم لكي لا أتألم، حتى في وقت الدراسة، أو أي مناسبة فالفكرة حاضرة، لدرجة أني عندما أحس براحة لمدة 5 دقائق أقول: يجب أن أكون غير مرتاحة؛ لأن عندي مشكلة أعاني منها، كأني أذكر نفسي، ولي على هذه الحالة 10 أشهر، ولم أعد أستمتع بالأشياء التي كنت أستمتعُ بها كالتسوق، أو عندما نجتمع مع صديقتي..، حتى إنني أحس بثقل في جبهتي عندما أفكر في هذا الموضوع مع حرارة، وطوال اليوم مكتئبة، ولا أستطيع أن أنسى الموضوع بتاتاً.

المشكلة التي زادت الطينة بلة هو عندما أفكر في فسخ الخطوبة لكي أتخلص من التفكير والألم والاكتئاب، أقول: حتى لو خطبت لأي شخص آخر فسأعاني من نفس التفكير؛ لأنه حتمًا سيكون أحب أخرى قبلي حتى لو اعترف لي.

أستغرب لماذا صرت أفكر بهذه الطريقة؛ لأنني في الماضي لم يكن تفكيري على هذا المنحى، وكان عندي من العادي أن زوجي المستقبلي تكون له في الماضي علاقات حب.
إني أعاني، والحمد لله على كل حال، وأفكر في الموت لكي أتخلص من هذه الآلام، حتى أنني فكرت أنني لن أتزوج أبداً.

أرجوك يا دكتور اشرح لي حالتي، وماذا يتوجب عليّ أن أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/sara حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أيتها الفاضلة الكريمة: أنت لست مريضة، والذي يحدث لك هو نوع من التفاعل الإنساني الوجداني، يسمى عدم القدرة على التواؤم، أو عدم القدرة على التكيف، حيث إن فكرة أن خطيبك هذا لا زال على علاقة حب مع الفتاة الأخرى، تعتريك هذه الأفكار من وقت لآخر، وهذا قطعًا سمة أيضًا نشاهدها لدى الكثير من الفتيات، وموضوع الغيرة يأتي هنا وهناك، والأمر أعتقد أنه قلقي في المقام الأول، وليس مرضيًّا، وكما ذكرت لك هو نوعٌ من القلقِ التوقعي الذي أدى إلى عدم القدرة على التكيف والتواؤم، مما جعلك تحسين بهذا الكدر والكرب، وعدم القدرة على الاطمئنان.

أيتها الفاضلة الكريمة: حقري هذه الفكرة، فالرجل ما دام قد أقدم على خطبتك فهو قطعًا مقتنع بك تمامًا، ومع احترامي الشدي للفتاة الأخرى إلا أنه من الواضح أن قناعاته بها لم تكن على المستوى الذي يريده، لذا قرر أن يخطبك أنت، وفي الأخير: (الأرواح جنودٌ مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف)، وأنت كما ذكرت وتفضلت بعض الشباب يكون لهم علاقات سابقة، وهي نوع من الخبرات التراكمية، والبعض يعتبره نوعًا من اكتساب المهارات.

لا تضيقي على نفسك، ولا توسوسي، وتوكلي على الله، وأقدمي على إكمال الزواج، وهذا هو الذي سوف يريحك تمامًا.

أكرر: أنت لست مريضة، وهو مجرد قلقٍ ظرفيٍّ أدى إلى عدم القدرة على التكيف، وقطعًا الوساوس تأتي في مثل هذه الأحوال، لذا استعيني دائمًا بالاستغفار، وأكثري من الاستغفار، واسألي الله تعالى أن ييسر أمرك، واصرفي انتباهك عن هذا الفكر من خلال أن تشغلي نفسك بأمور الحياة الأخرى، وأن تنظمي وقتك، أن تُكملي دراستك، وأن تكوني من المتميزات والمتفوقات -إن شاء الله تعالى-.

إضافة أخيرة وهي: لا أمانع أبدًا إذا تناولت جرعة بسيطة من أحد الأدوية المضادة للقلق وللتوترات، وأعتقد أن عقار (فافرين)، والذي يعرف علميًا باسم (فلوفاكسمين) بجرعة صغيرة وهي خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة شهرين، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، سوف يساعدك كثيرًا.

الجئي أيضًا لتمارين الاسترخاء وممارسة أي نوع من الرياضة التي تناسب الفتاة المسلمة، وحاولي أن تجعلي نمط حياتك أكثر إيجابية، وكذلك مستوى تفكيرك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً