السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحية طيبة للدكتور الفاضل/ محمد عبدالعليم .. أسأل الله أن يريحك من هموم الدنيا والآخرة.
الحالة: عبارة عن أفكار متسلطة مؤلمة بصورة سلبية في الأشياء المهمة بالنسبة لي، مثل: الدين، والزواج، والتعليم، والجنس، وكذلك في كل أمر أهتم به وأرتاح إليه، فمثلا: أنا بطبيعتي -بحمد الله- إنسان يحب مساعدة الناس ويحزن لآلامهم، وسريع البكاء في المواقف الحزينة فيجعلني أتساءل لماذا أبكي وأتأثر، ويستمر في مضايقتي في محاولة أن يجعلني مثلا: أبتسم في موقف لا يحتمل الابتسام، أنا أقاوم هذه الأفكار ويؤلمني مجرد التفكير بها.
وهكذا في شتى المواضيع الهامة، حتى إذا قرأت في تلك المواضيع وعلمت الجواب الذي يريحني ارتحت نفسيا، ولكن سرعان ما يحاول أن يدخل لي من باب آخر، أنا أعرف أنها أفكار غير منطقية، ولكن أجد صعوبة في ردها فمثلا: لماذا الإسلام هو الحق؟ فأقرأ في مواضيع الإعجاز القرآني وأرتاح فترة، ولكن يظل يعاودني ككرة الاسكواش يبعد فترة ويعود مرة ثانية، وأظل أكرر الرد على الأفكار السخيفة غير المنطقية، وبمجرد الاسترسال مع الأفكار تظهر لي وساوس أخرى سخيفة، وهكذا.
أو يحاول أن يأتيني بصورة معاودة التأكد من قراءة الإجابات على الأسئلة التي تضايقني، برغم أني أحفظها عن ظهر قلب ولكن يظل يشككني، هل كان الكلام هكذا كما تظنه بالفعل؟ فأعاود قراءة الموضوع وهو نفس الإجابة التي في ذهني، ولكن هي أفكار تكون متسلطة، ويجبرني على الفعل الوسواسي لأرتاح، مثلا: معاودة القراءة، أو معاودة التفكير في الموضوع، أو محاولة كتابته والاحتفاظ به في ورقة عندي.
أنا -الحمد لله- أتمتع بكامل قدراتي العقلية، وأعرف جيدا أنه ابتلاء واختبار من الله، وعندما تعاملت مع هذه الأفكار على أنها وساوس قهرية سخيفة لا تمت للواقع بصلة فهي غير منطقية، وأخذت دواء فلوتين (فلوكستين) أراحني كثيرا، وأصبحت أكثر اندماجا في المجتمع، وأكثر سعادة؛ حتى أنني تغلبت بنسبة كبيرة على فكرة معاودة القراءة أو الكتابة في ورقة.
ولكن كما أقول لحضرتك: هو يدخل لي من مصدر الراحة، فشككني في نوع المرض، هل هو وسواس قهري أم فصام أم خوف اجتماعي أم اكتئاب؟ فأنا أسمع عن أمراض كثيرة لكي يوقفني عن مصدر السعادة، وهو المقاومة والتحقير والتجاهل لهذه الأفكار، ويجعلني أتساءل ماذا لو كان المرض فصاما مثلا؟ هل طريقة علاجه السلوكي هو المقاومة والتحقير كما تفعل أم أن لها طرق أخرى؟ وهل هذه الأفكار مرض عقلي أم مرض عصبي؟ أنا أعلم الإجابة مسبقا، ولكن هكذا الأفكار المتسلطة تفرض نفسها على تفكيري.
وآخر شيء: أنا بطبيعتي أحب المذاكرة بصمت وأتخيل كأن بيني وبين نفسي حوارا بداخلي لكي أستوعب المعلومة بشكل أفضل، فيجعلني أتساءل هل هذا يشبه الفصام؟ وكذلك أثناء المذاكرة يحاول أن يصرفني عنها بشتى الطرق، فمثلا: إنك لن تفهم هذه المعلومة؛ لأن ذكاءك محدود بالرغم أني عكس ذلك إطلاقا، أو يحاول أن يجبرني على تخيل صوت يزعجني في مخيلتي، كأنني مثلا: أستمع لصوت سيارة تضايقني بالطبع، أنا لا أسمع شيئا ولكن كلها أفكار تحاول أن تصرفني وتضايقني في كل شيء أسعد بعمله وأهتم به وأتميز فيه.
والله إني -يا دكتور- أخجل أن أتناقش مع حضرتك في هذا الكلام السخيف، ولكن هو ابتلاء من الله وأنا راضي وصابر عليه، وأنا إرادتي قوية للتغيير، فأنا إنسان -بحمد الله- طموح، وأنا الآن مرتاح جدا مع الفلوتين، ولكن أردت التفريغ النفسي لما بداخلي هذه باختصار حالتي.