الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مخاوف الفراق عند الطفل

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيراً على ما تقدمونه، وجعله الله في موازين أعمالكم.

أخي الصغير عمره 7 سنوات، متفوق في دراسته، ذكي ونبيه جداً، بدأت في الآونة الأخيرة تأتيه حالة لا نعرف ما هي ! وبدأنا نخاف من أن تسوء حالته، حتى إن أمي توقعت أنها عين أصابته.

المشكلة:
أحياناً يأتي إلى أمي مذعوراً، ويقول لها أن شخصاً أو أشخاصاً يأتونه وهو وحده، ويقولون له أمك كذا وكذا، ويشبهونها ويشتمونها بأسماء الحيوانات –أعزنا الله جميعاً-، وأحياناً يتكلمون عن أبي بمثل ذلك، لكن بشكل أقل، ويحس بنبض قلبه، ودائماً يشتكي من هذا، وفي الآونة الأخيرة بدأت تزيد هذه الحالة، وفكرنا في عرضه على أحد المشايخ في الأسبوع المقبل، وسوف ألخص لكم حالته في عدد من النقاط.

1- متعلق بأمه كثيراً، ولا يحب أن تتركه.

2 - يخاف على أمه كثيراً حتى إذا بدأت تمزح وتلعب معه، ومسكها بشده، وبدأ يتأسف منها، ويقول لها هل آلمتك؟

3- يقول أن هناك أناسا يأتونه ويكلمونه في رأسه، ويقولون أشياء كريهة وشتائم في أمه، وقليلاً عن أبيه، ويقولون له: اذهب واضرب أمك على وجهها و...و...

4- يحس بخفقان وسرعة في نبضات قلبه، ولكنه سليم عضوياً.

5- متفوق في دراسته وذكي ونبيه، ودائماً الناس يتكلمون عنه (نخاف عليه من العين) وهذه شكوك أمي.

6- غير اجتماعي، ولا يحب الخروج من البيت وحده، ولكنه في الآونة الأخيرة وتحديداً في آخر أسبوع بدأ يخرج ويلعب مع أولاد الجيران.

7- كلما حس بشيء أو بوجع يأتي لأمي ويقول أخاف أن أموت، وهذا دائماً.

8- في أحد الأيام كان جالساً لوحده، وأتى إلى أمي مذعوراً، وهو يبكي ويقول: أخاف أنكم تموتون جميعاً، وتتركوني لوحدي.

نرجو منكم الرد سريعاً؛ لأن حالة أخي بدأت تسوء ونحن خائفين عليه.

ملاحظة: يوجد من أهل بيته أناس مصابون بأشياء نفسية، الأب مصاب بقولون عصبي ووسواس، وأحد إخوته معه وسواس قهري خاصة في الوضوء، وآخر كان مصاباً بالاكتئاب، فهل الأمراض النفسية لها علاقة بالوراثة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ الوليد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
جزاك الله خيراً على سؤالك.

لا شك أن هذا الطفل قد عُومل بصورةٍ خاصة تتمثل في الحماية المطلقة من قبل الأم، والخوف الشديد عليه، مما نتج عنه ما يُعرف بالروابط العصابية، والتي تؤدي إلى الكثير من الصعوبات النفسية، وعليه من الملاحظ أن ما يشبه الهلاوس السماعية التي ذكرها الطفل ما هي إلا نوع مما يُعرف بخوف الفراق، وكذلك محاولة استدرار العطف وتحقيق ما يريده، وهذه الأمور تتم أو تحدث من خلال العقل الباطني، ومن المستوى اللاشعوري .

لا بد أن أذكر أيضاً أن حالات الهلاوس تنتج أحياناً من نوع من الأمراض النفسية، ولكن ليست في هذه الأعمار، وعليه أرى أن حالة أخيك هي نوع من مخاوف الطفولة المرتبطة بخوف الفراق كما ذكرت سابقاً، وعليه يتمثل العلاج في:

1- إشعار الطفل باستقلاليته .

2- عدم توفير الحماية المطلقة من جانب الوالدة .

3- لابد أن تقلل أوقات التصاقه بمصادر الحماية النفسية، مثل الوالدة، أو أي شخص آخر يكون أكثر التصاقاً به.

4- لابد من تشجيعه للخروج، ومشاركة أقرانه في الألعاب والرياضة، حيث أن الطفل لا يتعلم إلا من أقرانه، خاصةً فيما يتعلق بالأمور المرتبطة بالصحة النفسية .

أود أيضاً أن أصف علاجاً دوائياً أرى أنه سيكون مفيد جداً لأخيك، والدواء الذي أود أن أصفه له يعرف باسم تفرانيل Tofranil، والجرعة هي 25 مليجرام ليلاً، أرجو أن يستمر على هذا العلاج لمدة ثلاثة أشهر، وهذا الدواء سليم، وإن كان يسبب بعض الآثار الجانبية البسيطة، مثل الشعور بالجفاف في الفم، وبعض الغشاوة في النظر، وربما يُحدث إمساك أيضاً .

هذه الأعراض لا تظهر كثيراً على الأطفال، وهي ليست خطيرة، وعليه أرجو عدم استغرابها إذا اشتكى منها الطفل، ولابد أن يستمر في العلاج، حيث أن الأعراض الجانبية تختفي بالاستمرار في العلاج، كما أرجو أن أوضح أنه إذا حدثت له أي زيادة في النوم في الأيام الأولى أرجو أن لا يكون ذلك مزعجاً .

بالنسبة للشق الآخر من السؤال، وهو علاقة الأمراض النفسية بالوراثة، توجد علاقة ما بين الأمراض النفسية والوراثة، ولكن هذه العلاقة ليست علاقة مباشرة، حيث أن المرض نفسه لا يورث، إنما الاستعداد له، أي بمعنى إذا كانت هنالك أمراض نفسية في الأسرة، وأتت ظروف اجتماعية أو حياتية غير مواتية، أو ضغوط نفسية شديدة، فربما يكون الفرد قابلاً لأن يُصاب ببعض الصعوبات النفسية.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً