[ المسألة الثانية ]
[ الرجوع عن الإقرار بالزنى ]
وأما المسألة الثانية وهي ، فقال : جمهور العلماء يقبل رجوعه ، إلا من اعترف بالزنى ثم رجع ابن أبي ليلى ، وفصل وعثمان البتي مالك فقال : إن رجع إلى شبهة قبل رجوعه ، وأما إن رجع إلى غير شبهة فعنه في ذلك روايتان : إحداهما يقبل وهي الرواية المشهورة . والثانية لا يقبل رجوعه .
وإنما صار الجمهور إلى تأثير الرجوع في الإقرار لما ثبت من تقريره - صلى الله عليه وسلم - ماعزا وغيره مرة بعد مرة لعله يرجع ، ولذلك لا يجب على من أوجب سقوط الحد بالرجوع أن يكون التمادي على الإقرار شرطا من شروط الحد . وقد روي من طريق : " ماعزا لما رجم ومسته الحجارة هرب فاتبعوه ، فقال لهم : ردوني إلى رسول الله - عليه الصلاة والسلام - ، فقتلوه رجما وذكروا ذلك إلى النبي - عليه الصلاة والسلام - فقال : " هلا تركتموه لعله يتوب فيتوب الله عليه " ، ومن هنا تعلق أن بأن التوبة تسقط الحدود ، والجمهور على خلافه ، وعلى هذا يكون عدم التوبة شرطا ثالثا في وجوب الحد . الشافعي
وأما فإن العلماء اتفقوا على أنه يثبت الزنى بالشهود ، وأن العدد المشترط في الشهود أربعة بخلاف سائر الحقوق لقوله تعالى : ( ثبوت الزنى بالشهود ثم لم يأتوا بأربعة شهداء ) وأن من صفتهم أن يكونوا عدولا ، وأن من شرط هذه الشهادة أن تكون بمعاينة فرجه في فرجها ، وأنها تكون بالتصريح لا بالكناية ، وجمهورهم على أن من شرط هذه الشهادة أن لا تختلف لا في زمان ولا في مكان إلا ما حكي عن أبي حنيفة من مسألة الزوايا المشهورة ، وهو أن يشهد كل واحد من الأربعة أنه رآها في ركن من البيت يطؤها غير الركن الذي رآه فيه الآخر .
[ ص: 752 ] وسبب الخلاف هل تلفق الشهادة المختلفة بالمكان أم لا تلفق كالشهادة المختلفة بالزمان ؟ فإنهم أجمعوا على أنها لا تلفق ، والمكان أشبه شيء بالزمان . والظاهر من الشرع قصده إلى التوثق في ثبوت هذا الحد أكثر منه في سائر الحدود .