المسألة الثامنة : إذا ؛ فقد مات بفعله وفعل شركائه ، وحكمه كالاصطدام ؛ فإن كانوا عشرة ، سقط عشر ديته ، ووجب على عاقلة كل واحد من التسعة عشرها ، ولو قتل اثنين منهم ، فصاعدا فكذلك ؛ فلو قتل العشرة ، أهدر من دية كل واحد عشرها ، ووجب على عاقلة كل واحد من الباقين عشرها . عاد حجر المنجنيق على الرامين ، فقتل أحدهم
ولو أصاب الحجر غيرهم ، نظر ؛ إن لم يقصدوا واحدا أو أصاب غير من قصدوه ؛ بأن عاد فقتل بعض النظارة ؛ فهذا خطأ يوجب الدية المخففة على العاقلة ، وإن قصدوا شخصا أو جماعة بأعيانهم فأصابوا من قصدوه ، فوجهان ؛ قطع العراقيون بأنه شبه عمد ؛ لأنه لا يتحقق قصد معين بالمنجنيق ، والثاني وبه قطع الصيدلاني ، والإمام والغزالي والمتولي ، ورجحه البغوي : أنه عمد إذا كانوا حاذقين تتأتى لهم الإصابة ، والغالب الإصابة . والروياني
قلت : هذا الثاني هو الذي صححه في " المحرر " . والله أعلم .
وإن قصدوا واحدا أو جماعة ، والغالب أنه لا يصيب من قصدوه وقد يصيب ؛ فهو شبه عمد ، والعلم بأنه يصيب أحدهم لا بعينه ، أو جماعة منهم لا بأعيانهم ، لا يحقق العمدية ، ولا يوجب القصاص ؛ لأن العمدية تعتمد قصد عين الشخص ؛ ولهذا لو قال : اقتل أحد هؤلاء وإلا قتلتك ؛ فقتل أحدهم ، لا قصاص على الآمر ؛ لأنه لم يقصد عين أحدهم ، ثم قال : يكون هذا خطأ في حق ذلك الواحد ، وقال الغزالي البغوي : [ ص: 343 ] يكون شبه عمد تجب به دية مغلظة على العاقلة وهذا هو الصحيح إذا قصدوا واحدا أو جماعة لا بأعيانهم ، وكذا لو رمى سهما إلى جماعة ، ولم يعين أحدهم .
ثم استدرك الإمام فقال : قولنا لا يجب القصاص مفروض فيمن قصد إصابة واحد لا بعينه ، أو جماعة لا بأعيانهم وأصاب الحجر بعضهم ؛ فأما إذا كان القوم محصورين في موضع وعلم الحاذق أنه إذا سدد عليهم الحجر أصاب جميعهم وحقق قصده فأتى عليهم ؛ فالذي أراه وجوب القصاص .