القسم الثالث : إزالة المنافع وهي ثلاثة عشر شيئا .
الأول : ، ولا يجب فيه قصاص لعدم الإمكان ، ولو العقل ، فتجب بإزالته كمال الدية ؛ نظر ، إن أمكن الضبط ، وجب قسط الزائل ، والضبط قد يتأتى بالزمان بأن يجن يوما ، ويفيق يوما ، فتجب نصف الدية ، أو يوما ويفيق يومين ، فيجب الثلث ، وقد يتأتى بغير الزمان ، بأن يقابل صواب قوله ، ومنظوم فعله بالخطأ المطروح منهما ، وتعرف النسبة بينهما ، فيجب قسط الزائل ، وإن لم يمكن الضبط ، بأن كان يفزع أحيانا مما يفزع ، أو يستوحش إذا خلا ، وجبت حكومة يقدرها الحاكم باجتهاده . نقص عقله ولم تستقم أحواله
وذكر المتولي أن الدية إنما تجب عند تحقق الزوال بأن يقول أهل الخبرة : [ ص: 290 ] لا يزول العارض الحادث ، أما إذا توقعوا زواله ، فيتوقف في الدية ، فإن مات قبل الاستقامة ؛ ففي الدية وجهان ، كما لو قلع سن مثغور ، فمات قبل عودها .
فرع
، فإن لم يكن لها أرش ، بأن ضرب رأسه ، أو لطمه ، فذهب عقله ، وجبت دية العقل ، وإن كان لها أرش مقدر ، كالموضحة واليد والرجل أو غير مقدر كالجراحة الموجبة للحكومة ؛ فقولان : ينظر في الجناية التي ذهب بها العقل
القديم : أنه يدخل الأقل في الأكثر ، فإن كانت دية العقل أكثر بأن أوضحه فزال عقله ، دخل فيها أرش الموضحة ، وإن كان أرش الجناية أكثر ؛ بأن قطع يديه ورجليه ، أو يديه مع بعض الذراع فزال عقله ، دخل فيه دية العقل .
والجديد الأظهر : لا تداخل ، بل يجب دية العقل وأرش الجناية ؛ فعلى هذا لو ، وجب ثلاث ديات ، وعلى القديم تجب ديتان ، وقيل : إن كان أرش الجناية بقدر الدية أو أكثر ، وجب دية العقل معها قطعا ، وإلا فعلى القولين . وقيل : إن لم يكن أرش الجناية مقدرا ، لم يدخل في دية العقل قطعا . قطع يديه ورجليه فزال عقله
فرع
، راقبناه في الخلوات والغفلات ، فإن لم تنتظم أفعاله وأقواله ، أوجبنا الدية ولا نحلفه ، لأنه يتجانن في الجواب ، ولأن يمينه تثبت جنونه ، والمجنون لا يحلف ، وإن وجدناها منظومة ، صدق الجاني بيمينه ، وإنما حلفناه ، لاحتمال صدورها منه اتفاقا وجريا على العادة . أنكر الجاني زوال العقل ونسبه إلى التجانن
[ ص: 291 ] الثاني : ، ولو السمع ، وفي إبطاله كمال الدية ، وجب نصف الدية على الصحيح وبه قطع الجمهور ، وقيل : يجب بقسط ما نقص من السمع من الدية ، ولو أبطله من إحدى الأذنين ، وجب ديتان ؛ لأن السمع ليس في الأذن . قطع الأذن ، وبطل السمع
ولو ؛ نظر ؛ إن قدروا مدة انتظرناها ، فإن لم يعد ، أخذت الدية ، واستثنى الإمام ما إذا قدروا مدة يغلب على الظن انقراض العمر قبل فراغها ، وقال : الوجه أن تؤخذ الدية ولا ينتظر هذه المدة . وإن لم يقدروا مدة : أخذت الدية في الحال ، فإن عاد ، ردت ؛ لأنه بان أنه لم يزل ، وإن قال أهل الخبرة : جنى عليه ، فصار لا يسمع في الحال ، لكن قال أهل الخبرة : يتوقع عوده ؛ فالواجب الحكومة على الأصح ، وقيل : الدية . لطيفة السمع باقية في مقرها ، ولكن ارتتق داخل الأذن بالجناية وامتنع نفوذ الصوت ، ولم يتوقعوا زوال الارتتاق
ويجري الوجهان فيما لو أذهب سمع صبي فتعطل لذلك نطقه ؛ فإن الطفل يتدرج إلى النطق تلقيا مما تسمع أذنه ، هل تجب دية للنطق مضمومة إلى دية السمع ؟
فرع
، امتحن المجني عليه ، بأن يصاح به في نومه وحال غفلته صياحا منكرا ، وبأن يتأمل حاله عند صوت الرعد الشديد ، فإن ظهر منه انزعاج واضطراب ، علمنا كذبه ، ومع ذلك يحلف الجاني لاحتمال أن الانزعاج بسبب آخر اتفاقي ، وإن لم يظهر عليه أثر ، علمنا صدقه ومع ذلك يحلف لاحتمال أنه يتجلد . أنكر الجاني زوال السمع
وإن ، حشيت السليمة وامتحن في الأخرى على ما ذكرناه . ادعى ذهاب سمع إحدى الأذنين
[ ص: 292 ] فرع
؛ نظر ، إن عرف قدر ما نقص ، بأن علم أنه كان يسمع من موضع فصار يسمع من دونه ، ضبط ما نقص ، ووجب قسطه من الدية ، وإن لم يعلم ولكن نقص سمعه ، وثقلت أذنه ، قال الأكثرون : تجب فيه حكومة يقدرها الحاكم باجتهاده ، وذكر الإمام وغيره ، أنه يقدر بالاعتبار بسليم السمع في مثل سنه وصحته ؛ بأن يجلس بجنب المجني عليه ، ويؤمر من يرفع صوته ، ويناديهما من مسافة بعيدة لا يسمعه واحد منهما ، ثم يقرب المنادي شيئا فشيئا إلى أن يقول السليم : سمعت ؛ فيعرف الموضع ، ثم يديم المنادي ذلك الحد من رفع الصوت ويقرب إلى أن يقول المجني عليه : سمعت ، فيضبط ما بينهما من التفاوت . وإن نقص سمعه من إحدى الأذنين ، صممت العليلة ، وضبط منتهى سماع الصحيحة ، ثم تصمم الصحيحة ، ويضبط منتهى سماع العليلة ، ويجب من الدية بقسط التفاوت ، وإن كذبه الجاني في دعوى انتقاص السمع ، فالمصدق المجني عليه بيمينه ، سواء ادعى نقصه من الأذنين أو إحداهما ، لأنه لا يعرف إلا من جهته . نقص سمعه من الأذنين
الثالث : ، ومن إحداهما نصفها ، سواء ضعيف البصر بالعمش وغيره ، والأحول والأخفش وغيرهم ، ولو فقأ عينيه ، لم تجب إلا دية ، كقطع يديه بخلاف ما لو البصر . ففي إذهابه من العينين كمال الدية ، لما سبق أنه ليس السمع في الأذنين . قطع أذنيه ، وذهب سمعه
ولو ، فرق بين أن يقدروا مدة ، أو لا يقدروا ، ويكون حكمه ما سبق في الأذنين ، ولو مات المجني عليه قبل مضي تلك المدة ، فلا قصاص للشبهة ، وفي الدية طريقان ، أحدهما : على الوجهين فيمن قلع سن غير مثغور ، ومات قبل أوان النبات . [ ص: 293 ] والمذهب القطع بوجوبها ؛ لأن الظاهر في السن العود لو عاش بخلاف البصر . ولو قال عدلان : إن البصر يعود ، صدق الوارث . قال الجاني : مات بعد عود السمع أو البصر ، وقال الوارث : قبله
فرع
، فوجهان . ادعى المجني عليه زوال البصر ، وأنكر الجاني
أحدهما وهو نصه في " الأم " : يراجع أهل الخبرة ؛ فإنهم إذا وقفوا الشخص في مقابلة عين الشمس ، ونظروا في عينيه ، عرفوا أن الضوء ذاهب أم موجود ، بخلاف السمع لا يراجعون فيه إذ لا طريق لهم إليه .
والثاني : يمتحن بتقريب حية ، أو عقرب منه ، أو حديدة من حدقته مغافصة ؛ فإن انزعج ؛ فالقول قول الجاني بيمينه ، وإلا فقول المجني عليه بيمينه .
قال المتولي : الأمر إلى خبرة الحاكم ، إن أراد مراجعتهم ؛ فعل ، وإن أراد امتحانه فعل ، وإذا روجع أهل الخبرة ؛ فشهدوا بذهاب البصر ، فلا حاجة إلى التحليف ، وتؤخذ الدية بخلاف الامتحان ؛ فإنه لا بد من التحليف بعده .
ولا يقبل في ذهاب البصر إن كانت الجناية عمدا إلا شهادة رجلين ، وإن كانت خطأ ، قبل رجل وامرأتان ، وإذا ادعى ذهاب بصر إحدى العينين ، روجع أهل الخبرة ، أو امتحن كما ذكرنا في العينين .
فرع
إذا ، فإن عرف قدره ، بأن كان يرى الشخص من مسافة ، فصار لا يراه إلا من بعضها ، وجب من الدية قسط الذاهب ، وإن لم يعرف ؛ فعلى الخلاف في السمع ؛ قال [ ص: 294 ] الأكثرون : تجب حكومة يقدرها الحاكم باجتهاده ، ولا يعتبر تغيره لاختلاف الناس في الإدراك . عن نقص ضوء العينين ولم يذهب الماسرجسي قال : رأيت صيادا يرى الصيد على فرسخين .
وإن ، عصبت العليلة ، وأطلقت الصحيحة ، ووقف شخص في موضع يراه ، ويؤمر أن يتباعد حتى يقول : لا أراه ، فتعرف المسافة ، ثم تعصب الصحيحة وتطلق العليلة ، ويؤمر الشخص بأن يقرب راجعا إلى أن يراه ؛ فيضبط ما بين المسافتين ، ويجب قسطه من الدية . نقص ضوء إحدى العينين
ثم إنه متهم في هذا الضبط بالزيادة في الصحيحة ، وبالنقص في العليلة ، فلا يؤمن كذبه ؛ فيمتحن في قوله أبصر في الصحيحة ، بأن تغير ثياب الشخص الذي يبعد ويقرب ، ويسأل عنها ؛ فينظر ، أيصيب أم لا ، وأما في العليلة فقيل : يحلف أنه لا يبصر فوق ذلك ، وقال الأكثرون : يمتحن بأن تضبط تلك الغاية ويؤمر الشخص بأن ينتقل إلى سائر الجهات والمجني عليه بأن يدور ؛ فإن توافقت الغاية من الجهات صدقناه ، وإلا كذبناه .
ويجري مثل هذا الامتحان في نقصان سمع إحدى الأذنين ، فيمتحن في قوله : أسمع بالصحيحة ، بأن يغير المنادي نداءه وكلامه ، وينظر ، هل يقف عليه المجني عليه ، وفي قوله : لا أسمع بالعليلة ، بأن ينتقل المنادي إلى سائر الجهات ، وإذا عرف تفاوت مسافتي الإبصار ؛ فالواجب القسط .
فإن أبصر بالصحيحة من مائتي ذراع ، وبالعليلة من مائة ذراع ؛ فموجبه التنصيف ؛ لكن لو قال أهل الخبرة : إن المائة الثانية تحتاج إلى مثلي ما تحتاج إليه المائة الأولى لقرب الأولى وبعد الثانية ، وجب ثلثا دية العليلة ، قال رحمه الله : وما أرى ذلك يضبط . الشافعي
فرع
فيه كمال الدية ، وفي " التهذيب " أنه لو الأعشى الذي يبصر بالنهار دون الليل ؛ لزمه نصف الدية ، [ ص: 295 ] ولو جني عليه فصار أعشى ، لزمه ربع الدية ، ومقتضى هذا إيجاب نصف الدية إذا عشيت إحدى عينيه بالجناية ، وكذا من يبصر بالليل دون النهار . جنى على الأعشى ؛ فأذهب بصره
فرع
، وجبت حكومة . شخصت عينه بجناية ، أو صار أعمش أو أحول
فرع
، صدق الثاني ؛ فلو صدق المجني عليه الأول برئ الأول ، ويحلف الثاني وعليه حكومة . ذهب ضوء عينه بجناية ، وقلع آخر الحدقة ، فقال : قلعت قبل عود الضوء ، وقال الأول : بل بعده
الرابع : على الصحيح المشهور ، وحكي وجه وقول أن واجبه الحكومة ، وهو ضعيف . الشم ، وفي إزالته بالجناية على الرأس وغيره كمال الدية
فلو ، فنصف الدية ، ولو أذهب شم أحد المنخرين ، وقال أهل الخبرة : القوة باقية : فليكن كما سبق في السمع ، وإذا أنكر الجاني ذهاب الشم ، امتحن المجني عليه بتقريب ماله رائحة حادة منه ، طيبة وخبيثة ؛ فإن هش للطيبة وعبس للمنتن ، صدق الجاني بيمينه ، وإن لم يظهر عليه أثر ، صدق المجني عليه بيمينه . سد المنفذ فلم يدرك الروائح
وإن نقص الشم ، نظر ، إن علم قدر الذاهب ، وجب قسطه من الدية ، وإن لم يعلم ، وجبت حكومة يقدرها الحاكم بالاجتهاد ، ولم يذكروا هنا الامتحان بمن هو في مثل شمه ، ولا يبعد طرده هنا ، وإن نقص شم أحد المنخرين ؛ فيمكن أن يعتبر بالجانب الآخر ، ولم يذكروه ، ولعلهم اكتفوا بالمذكور في السمع والبصر . وإذا ادعى النقص [ ص: 296 ] وأنكر الجاني ، صدق المجني عليه بيمينه ، لأنه لا يعرف إلا منه .
قال الإمام : وينبغي أن يعين المجني عليه قدرا يطالب به ؛ وإلا فهو مدع مجهولا ، وطريقه في نفسه أن يطلب الأقل المتيقن ، ولو أخذ دية الشم وعاد ، وجب ردها ، ولو ، صدق المجني عليه بيمينه ؛ لأنه قد يفعله اتفاقا ، ولامتخاط ، وبفكر ورعاف وغيرها . وضع يده على أنفه عند رائحة منكرة ، فقال الجاني : فعلت ذلك لعود شمك ، وأنكر المجني عليه
الخامس : ، وإنما تؤخذ الدية إذا قال أهل الخبرة : لا يعود نطقه ؛ فإن أخذت فعاد استردت ، ولو النطق ، فإذا جنى على لسانه فأبطل كلامه ، وجب كمال الدية ، قال ادعى ذهاب النطق ، وأنكر الجاني المتولي : يفزع في أوقات الخلوة ، وينظر ، هل يصدر منه ما يعرف به كذبه ؛ فإن لم يظهر شيء ، حلف كما يحلف الأخرس ، ووجبت الدية .
ولو ، وزعت الدية عليها ، سواء ما خف منها على اللسان وما ثقل ، والحروف مختلفة في اللغات ، فكل من تكلم بلغة ؛ فالنظر عند التوزيع إلى حروف تلك اللغة . بطل بالجناية بعض الحروف
فلو وجهان ، ثم في الحروف الموزع عليها وجهان : أصحهما وبه قال الأكثرون ، وهو ظاهر النص : أن التوزيع يكون على جميعها ، وهي ثمانية وعشرون حرفا في اللغة العربية ؛ فإن ذهب نصفها ، وجب نصف الدية ، وإن ذهب حرف فأكثر ، وجب لكل حرف سبع ربع الدية . تكلم بلغتين ، فبطل بالجناية حروف من هذه وحروف من تلك ، فهل توزع على أكثرهما حروفا أم على أقلهما ؟
والثاني ؛ قاله الإصطخري : لا يدخل في التوزيع الحروف الشفهية ، وهي الباء والفاء والميم والواو ، ولا الحلقية وهي الهاء والهمزة ، والعين والحاء ، والغين والخاء ؛ وإنما التوزيع على الحروف الخارجة من اللسان وهي ما عدا المذكورات ، هذا إذا ذهب بعض الحروف ، وبقي في البقية كلام مفهوم ، فأما إذا لم يبق في البقية [ ص: 297 ] كلام مفهوم فوجهان :
أحدهما : يجب كمال الدية ، قاله أبو إسحاق والقفال ، وجزم به البغوي ، وذكر الروياني أنه المذهب ، والثاني : لا يلزمه إلا قسط الحروف الفائتة .
قال المتولي : وهو المشهور ، ونصه في " الأم " : ولو ، قال ضرب شفتيه ، فأذهب الحروف الشفهية ، أو رقبته ، فأذهب الحروف الحلقية المتولي : إن قلنا بقول الإصطخري ، وجبت الحكومة فقط ، وإن قلنا بقول الأكثرين ، وجب قسط الذاهب من جميع الحروف .
وذكر أنه لو قطع شفتيه ، فأذهب الباء والميم ، فقال ابن كج الإصطخري : يجب مع دية الشفتين أرش الحرفين ، وقال ابن الوكيل : لا يجب غير الدية ، كما لو قطع لسانه فذهب كلامه ، لا يجب إلا الدية .
فرع
، وجب قسط الحرف الذي أبطله . ولو جنى على لسانه فصار يبدل حرفا بحرف ؛ فالواجب الحكومة لبقاء المنفعة . ثقل لسانه بالجناية ، أو حدثت في كلامه عجلة ، أو تمتمة ، أو فأفأة ، أو كان ألثغ ؛ فزادت لثغته
فرع
وجهان ، أصحهما : يجب كمال الدية ؛ فعلى هذا لو أذهب بعض الحروف ، وزع على ما يحسنه ، لا على الجميع ، والثاني : لا يجب إلا قسطها من جميع الحروف ، وفي بعضها بقسطه من الجميع ؛ فعلى هذا لو كان يقدر على التعبير عن جميع مقاصده لفطنته واستمداده من اللغة ، لم تكمل الدية أيضا على الأصح ، [ ص: 298 ] لأن قدرته لحذقه لا بالكلام ؛ هذا إذا كان نقص حروفه خلقة ، أو حدث بآفة سماوية ، فلو حدث بجناية ؛ فالمذهب أنه لا تكمل الدية ، لئلا يتضاعف الغرم في القدر الذي أبطله الجاني الأول . من لا يحسن بعض الحروف كالأرت والألثغ الذي لا يتكلم إلا بعشرين حرفا مثلا ، إذا أذهب كلامه
فرع
في الجناية على محل ناقص المنفعة أو الجرم ، أما المنافع التي لا تتقدر تقدر النطق بالحروف كالبطش والبصر ؛ فإن كان النقص فيها بآفة ، فلا اعتبار به ، ويجب على من أبطلها الدية الكاملة ، وكذا ؛ لأنه لا ينضبط ضعفها وقوتها . من قطع العضو الذي هو محل تلك المنفعة
وإن كان النقص بجناية ، فأوجه ، أصحها : لا تكمل الدية بل يحط منها قدر الحكومة التي غرمها الأول عن مبطل المنفعة وقاطع العضو جميعا حذارا من تضعف الغرامة ، والثاني : يجب كمال الدية ، والثالث لا يحط عن قاطع الجرم ، ويحط عن مبطل المنفعة الناقصة لتجانس جنايته وجناية الأول . وأما الإجرام ، فإن كان لما نقص أرش مقدر لزم الثاني دية يحط منها أرش ما نقص ، سواء حصل النقص بآفة أم بجناية ؛ فلو سقطت أصبعه ، أو أنملته بآفة ، ثم قطعت يده ، حط من دية اليد أرش الأصبع أو الأنملة ، ولو ، لزم الثاني أرش موضحة يحط منه واجب المتلاحمة ، سواء قدرنا واجبها ، أم أوجبنا فيها الحكومة ، ولو جرح رأسه متلاحمة ؛ فجعلها آخر موضحة ، فالصحيح أن حكم ذلك الجرح قد سقط ؛ وعلى من أوضح أرش كامل . أما إذا لم يكن لما نقص أرش مقدر ، كفلقة تنفصل من لحم الأنملة ، فإن لم تؤثر في المنفعة ، لم تنقص به الدية ، وإن وجب فيه حكومة للشين ، وسواء حصل ذلك بآفة أم بجناية وإن أثر في المنفعة ، فإن حصل بآفة لم تنقص [ ص: 299 ] الدية ، وإن حصل بجناية ؛ ففيه احتمالان للإمام ، أقربهما : يحط عن الثاني قدر حكومة الأول . التأمت المتلاحمة ، واكتسى موضعها بالجلد لكن بقي غائرا ، فأوضح فيه آخر