[ ص: 202 ] التفاوت الثالث في العدد وفيه مسائل :
إحداها : ، فللمجني عليه أن يأخذ دية اليد ، وله أن يقطع اليد الناقصة ، ويأخذ الأرش للأصبع . قطع يدا كاملة الأصابع ، ويد الجاني ناقصة أصبعا
ولو كانت ناقصة أصبعين ، فله قطع يده وأرش أصبعين ، ولو قطع أصبعين وله أصبع واحدة ، فللمجني عليه قطع الموجودة ، وأرش المفقودة .
ولو قطع أصبعا صحيحة ، وتلك الأصبع منه شلاء ، فأراد المجني عليه قطع الشلاء وأخذ شيء للشلل ، لم يكن له .
الثانية : إذا كان النقص في يد المجني عليه ، بأن ، فليس للمجني عليه قطع اليد الكاملة ، لكن له أن يلتقط الأصابع الأربع ، وله أخذ ديتها ، فإن التقطها فقد ترك كف الجاني مع قطعه كفه ، فله حكومة خمس الكف ، وهو ما يقابل منبت أصبعه الباقية . قطع السليم ناقصة بأصبع
وهل له حكومة أربعة أخماسها ؟ وجهان .
أحدهما : لا ، بل تدخل تحت قصاص الأصابع ، كما تدخل تحت ديتها ، وأصحهما : نعم ، لأن القصاص ليس من جنسها ، ويجري الوجهان فيما إذا كانت يد الجاني زائدة بأصبع ، ويد المجني عليه معتدلة ، فلقط الخمس لتعذر القطع من الكوع بسبب الزائدة .
وهل تدخل حكومة الكف تحت قصاص الخمس ولو أخذ دية الأصابع الأربع في الصورة الأولى ، دخلت حكومة منابتها فيها على الصحيح .
وقيل : لا تدخل ، بل تختص قوة الاستتباع بالكل ، وأما حكومة الخمس الباقي من الكف ، فتجب على الصحيح .
وحكي وجه أن كل أصبع تستتبع الكف كما تستتبعها كل الأصابع .
[ ص: 203 ] الثالثة : إذا ، فلا قصاص إلا أن تكون كف القاطع مثلها ، ولو قطع صاحب هذه الكف يد سليم ، فله قطع كفه ودية الأصابع ، حكاه قطع كفا لا أصابع لها عن النص . ابن كج
الرابعة : إذا ، فإن شاء قطع يده وقنع بها ، وإن شاء لقط الثلاث السليمة وأخذ دية أصبعين ، وفي استتباع الثلاث حكومة منابتها واستتباع دية الأصبعين حكومة منبتهما الخلافان السابقان . كان على يد الجاني أصبعان شلاوان ، ويد المجني عليه سليمة
ولو ، لم يجب القصاص من الكوع ، ولكن للمجني عليه قطع الثلاث السليمة وحكومة الشلاوين . كانت يد الجاني سليمة ، ويد المجني عليه فيها أصبعان شلاوان
ويعود الخلاف في استتباع القصاص في الثلاث حكومة منابتها ، وفي استتباع حكومة الشلاوين حكومة منبتهما وجهان .
أصحهما عند الإمام والغزالي والبغوي : المنع ، وهو ظاهر نصه في " المختصر "
والثاني : أنه يستتبع ، وبه قطع العراقيون .
الخامسة : ، وجبت دية تلك الأصبع ، والصحيح أنه تدخل حكومة منبتها فيها ، وأنه يجب حكومة باقي الكف ، وعلى الوجه المحكي في آخر المسألة الثانية : لا حكومة أصلا . قطع كفا لها أصبع فقط خطأ
فرع .
في " التهذيب " أنه لو كانت أصابع إحدى يديه وكفها أقصر من الأخرى ، فلا قصاص في القصيرة ، لأنها ناقصة ، وفيها دية ناقصة بحكومة .
السادسة : سبق أن الزائد من الأعضاء يقطع بالزائد إذا اتحد المحل ، وذكرنا خلافا في اشتراط التساوي في الحجم ، فلو فرض ، اقتص [ ص: 204 ] منه إذا حصل شرطه ، وكذا لو قطع أحدهما يد الآخر ، ولو شخصان لكل منهما أصبع زائدة ، قطع أحدهما زائدة الآخر ، قطع ، وأخذ منه حكومة للزائدة ، سواء كانت معلومة بعينها أم لا . قطع المعتدل يدا لها أصبع زائدة
وإن شاء المجني عليه أخذ دية اليد وحكومة الزائدة ، ولو ، لم تقطع يده من الكوع إلا أن تكون الزائدة نابتة في الأصابع وللمجني عليه لقط الخمس الأصليات . قطع صاحب الأصابع الست يد معتدل
ويعود الوجهان في استتباع قصاصها حكومة الكف ، فإن كانت الزائدة بجنب أصلية بحيث لو قطعت الأصلية سقطت الزائدة ، لم تقطع ، بل يقتصر على قطع الأربع ويأخذ دية الخامسة .
ولو كانت نابتة على أصبع وأمكن قطع بعضها مع الأربع بأن كانت نابتة على الأنملة الوسطى من أنمله ، قطعت الأنملة العليا مع الأربع ، وأخذ ثلثا دية أصبع ، هذا إذا كانت في الست زائدة معلومة بعينها .
أما إذا كانت الست كلها أصلية ، بأن انقسمت القوة في الست على ستة أجزاء متساوية في القوة والعمل بدلا عن القسمة على خمسة أجزاء ، فللمجني عليه أن يلتقط منها خمسا على الولاء من أي جانب شاء ، هكذا أطلق .
ولك أن تقول : إن لم تكن الست على تقطيع الخمس المعهودة فهذا قريب ، وإن كانت على تقطيعها ، فمعلوم أن صورة الإبهام من الخمس تباين صورة باقيها ، فإن كانت التي تشبه الإبهام على طرف ، فينبغي أن يلقط الخمس من ذلك الجانب ، وإن وقعت ثانية وكانت التي تليها على الطرف كالملحقة بها ، فينبغي أن يلقط الخمس من الجانب الآخر .
قال الإمام : ويختلج في النفس أن يقال : ليس له لقط الخمس لوقوع الست على نظم يخالف نظم الخمسة المعتدلة ، ثم إنه لا يستكمل حقه بقطع الخمس لأنها خمسة أسداس اليد ، فله مع ذلك سدس الدية ، لكن يحط من السدس شيء لأن الخمس الملقوطة وإن كانت خمسة أسداس ، فهي في الصورة كالخمس المعتدلة ، وتقدير المحطوط إلى [ ص: 205 ] رأي المجتهد ، ولو بادر المقطوع فقطع الست ، قال البغوي : يعزر ولا شيء عليه ، ولو قيل : يلزمه شيء لزيادة الصورة ، لم يبعد ، ولو ، قطعت أصبعه ، وأخذ ما بين خمس دية اليد وسدسها ، وهو بعير وثلثا بعير ، لأن خمسها عشرة ، وسدسها ثمانية وثلث . قطع صاحب الست أصبعا لمعتدل
وقياس ما سبق أن يقال : يحط من قدر التفاوت شيء ، ولو قطع معتدل اليد اليد الموصوفة ، قطعت يده ، وأخذ منه شيء للزيادة المشاهدة .
كذا حكاه الإمام وغيره ، ولو قطع أصبعا ، لم يقتص ، لما فيه من استيفاء خمس سدس ، ولكن يأخذ منه سدس دية اليد ، ولو قطع أصبعين ، قطع منه أصبع ، وأخذ ما بين ثلث دية اليد وخمسها ، وهو ستة أبعرة وثلثان .
ولو قطع ثلاثا ، قطع منه أصبعان وأخذ ما بين نصف دية اليد وخمسيها ، وهو خمسة أبعرة ، ولو بادر المجني عليه ، وقطع بأصبعه المقطوعة أصبعا منها قال الإمام : هو كمن قطع يدا شلاء فابتدر المجني عليه ، وقطع بها الصحيحة .
المسألة السابعة : إذا ، فليس للمجني عليه قطع الخمس ، لأن الزائدة لا تقطع بالأصلية عند اختلاف المحل ، ولا يؤمن أن تكون الزائدة هي إحدى المستوفيات . قطع صاحب الست يد معتدل ، وقال أهل البصر : نعلم أن واحدة من الست زائدة ، وهي ملتبسة
ولو بادر وقطع خمسا ، عزر ، ولا شيء له ، ولا شيء عليه ، لاحتمال أن المقطوعات أصليات ، وإن بادر وقطع الكل ، فعليه حكومة للزائدة ، وإن قال أهل البصر : لا ندري أهي كلها أصليات ، أم خمس منها أصلية ، وواحدة زائدة ، فلا قصاص أيضا .
فلو قطع جميعها أو خمسا منها ، عزر ، ولا شيء له ، ولا عليه ، لأنه إن قطع الكل ، احتمل أنهن أصليات ، وإن قطع خمسا احتمل أن الباقية زائدة .
الثامنة : في الزائدة من الأنامل قد أجرى الله سبحانه وتعالى العادة [ ص: 206 ] أن كل أصبع سوى الإبهام منقسمة ثلاثة أقسام وهي الأنامل الثلاث ، فلو انقسمت على خلاف العادة أصبع بأربع أنامل ، فلها حالان .
أحدهما : أن تكون الأربع أصلية عند أهل البصر ، وقد يستدل عليه بأن تكون غير مفرطة الطول ، وتناسب باقي الأصابع ، فإذا ، قطعت منه أنملة ، لكن لا يتم بها حق المجني عليه ، لأن أنملته ثلث الأصبع ، وهذه ربعها ، فيطالب بما بين الربع والثلث من دية أصبع ، وهو خمس أسداس بعير . قطع صاحبها أنملة لمعتدل
وإن قطع أنملتين ، قطعنا منه أنملتين ، وطالبناه بما بين نصف دية الأصبع وثلثها ، وهو بعير وثلثا بعير ، وإن ؟ وجهان . قطع أصبع معتدل بتمامها ، فهل يقطع أصبعه بها
أحدهما : نعم ، وبه قطع الغزالي ، وصححه الإمام ، وأصحهما عند والروياني البغوي : المنع ، فعلى هذا يقطع ثلاث أنامل هي ثلاثة أرباع حصته ، ويطالب بالتفاوت بين جميع الدية ، وثلاثة أرباعها ، وهو بعيران ونصف ، ولو بادر المجني عليه ، وقطع أصبعه ، عزر ولا شيء عليه .
ولو ، لم تقطع أنملته ، لكن يؤخذ منه ربع دية أصبع ، ولو قطع أنملتين ، فللمجني عليه أن يقطع منه أنملة ويأخذ بعيرا وثلثين ، ولو قطع ثلاث أنامل ، فله أن يقطع أنملتين ويأخذ خمسة أسداس بعير ، ولو قطع الأصبع بتمامها ، قطعت أصبعه ، ولم يلزمه شيء آخر ، هكذا ذكره الإمام قطع معتدل أنملة من له هذه الأصبع . والروياني
الحال الثاني : أن تكون الأنملة العليا زائدة خارجة عن أصل الخلقة ، فإن قطع صاحبها أصبع معتدل ، لم يقطع أصبعه ، لما فيها من الزيادة ، وتؤخذ منه الدية ، ولو قطعها معتدل ، قطعت أصبعه ، وأخذت منه حكومة للزائدة ، وتختلف الحكومة بكون الزائدة عاملة أم لا ، ولو قطع المعتدل أنملة منها ، فلا قصاص ، وعليه الحكومة ، ولو قطع [ ص: 207 ] أنملتين ، قطع منه أنملة وأخذت الحكومة للزائدة ، ولو قطع ثلاثا ، قطعت منه أنملتان وأخذت الحكومة .
فرع .
لو ، ففي الأصل القصاص والأرش الكامل ، وفي الآخر الحكومة . كان لأنملة طرفان ، أحدهما أصلي عامل ، والآخر زائد غير عامل
ولو قطع صاحبها أنملة معتدل ، قطع منه الأصلي إن أمكن إفراده ، وإن كانا عاملين مشتدين ، قال الإمام : القول فيهما قريب من القول في الأصابع الست الأصليات ، وإن قطع المعتدل أحد الطرفين ، لم تقطع أنملته ، وإن قطعهما معا ، قطعت أنملته ، ولزمه لزيادة الخلقة شيء .
وإن قطع صاحبها أنملة معتدل ، لم يقطع طرفا أنملته ، بل يختار المقطوع أحدهما فيقطعه ، ويأخذ معه نصف الأرش ، ويحط منه شيء ، هذا كله إذا نبت طرفا تلك الأنملة على رأس الأنملة الوسطى .
فلو لقي رأسها عظم ، ثم انشعب الطرفان من ذلك العظم ، فإن لم يكن مفصل بين العظم وبينها ، فليس ذلك موضع القصاص ، وإن كان لكل طرف مفصل هناك ، فالعظم الحائل بين الشعبتين والأنملة الوسطى أنملة أخرى ، وهي أصبع لها أربع أنامل ، والعليا منها ذات طرفين .
ولو ، فحكمه كالأنملتين على رأس أصبع . كان على الساعد كفان ، أو على الساق قدمان
المسألة التاسعة : لو كانت ، فللإمام فيه احتمالان . أصبع ليس لها إلا أنملتان ، وهي تناسب سائر الأصابع في الطول
أحدهما : ليست أصبعا تامة ، وإنما هي أنملتان ، وأصحهما : أنها أصبع تامة ، لكنها ذات قسمين ، كما لو كان لها أربع أنامل كانت أصبعا ذات أربع أقسام .
ولو وجدت أصبع لا مفصل لها ، قال الإمام : الأرجح [ ص: 208 ] عندي نقصان شيء من الدية ، لأن الانثناء إذا زال ، سقط معظم منافع الأصبع ، وقد ينجر هذا إلى أن لا تقطع أصبع السليم بها .
العاشرة : ، فلا سبيل إلى الاقتصاص مع بقاء العليا ، فإن سقطت بآفة أو جناية ، اقتص من الوسطى . سليم اليد قطع الأنملة الوسطى من فاقد العليا
وللقفال احتمال أنه لا يقتص ، ومثله لو ، فحكمه ما ذكرنا ، فلو بادر المجني عليه فقطع الوسطى مع العليا ، فقد تعدى ، وعليه أرش العليا ، ولو أراد طلب أرش الوسطى في الحال للحيلولة ، فليس له ذلك على الصحيح إلا أن يعفو . قطع السليم كفا لا أصابع لها
ولو كانت العليا مستحقة القطع قصاصا ، فليس له أيضا طلب أرش الوسطى من غير عفو على الأصح .
وقيل : له ، لأن استيفاء القصاص مرتقب ، ومن صور استحقاق العليا بالقصاص ما نص عليه في " المختصر " وهو أن تقطع الأنملة العليا من رجل ، والوسطى من آخر فاقد للعليا ، فلصاحب العليا القصاص فيها أولا ، وإن كان قطعه متأخرا ، فإن طلب القصاص ، اقتص ، ويمكن مستحق الوسطى من استيفائها .
قال أبو بكر الطوسي : ولو اتفقا على وضع الحديدة على مفصل الوسطى واستوفيا الأنملتين بقطعة واحدة ، جاز ، وقد هونا الأمر عليه ، وإن لم يطلب صاحب العليا القصاص ، صبر صاحب الوسطى أو عفا .
فرع .
، نظر ، إن سبق قطع الأنملة ، فلصاحبها الاقتصاص فيها ، ويتخير الآخر بين أن تقطع الوسطى ، ويأخذ دية العليا ، وبين أن يعفو ويأخذ ديتهما ، ولو بادر صاحب الأنملتين فقطعهما ، كان مستوفيا لحقه ، ويأخذ الآخر دية العليا من الجاني . قطع الأنملة العليا لرجل ، والعليا والوسطى لغيره