الطرف الرابع : ، وهو للزوجة إن شاءت ، فسخت ، وإن شاءت صبرت ، ولا اعتراض للولي عليها ، وليس له الفسخ بغير توكيلها ، وليس لولي الصغيرة والمجنونة الفسخ ، وإن كان فيه مصلحتهما ، وينفق عليهما من مالهما ، فإن لم يكن لهما مال فنفقتهما على من عليه نفقتهما لو كانتا خليتين ، وتصير نفقة الزوجة دينا عليه يطالب به إذا أيسر ، وكذا لا يفسخ الولي بإعسار الزوج بالمهر إن جعلناه مثبتا للخيار ، فيمن له حق الفسخ كما تفسخ بجبه ، ولأنها صاحبة حق في تناول النفقة ، فإن أرادت الفسخ ، لم يكن للسيد منعها ، فإن ضمن النفقة ، فهو كالأجنبي يضمنها ، ولو رضيت بالمقام ، أو كانت صغيرة أو مجنونة ، فهل للسيد الفسخ ؟ فيه أوجه : الأصح : ليس له ، وبه قطع ولو أعسر زوج الأمة بالنفقة فلها الفسخ ابن الحداد والبغوي وجماعة ، وعلى هذا لا يلزم السيد نفقة الكبيرة العاقلة ، بل يقول : افسخي أو اصبري على الجوع ، والثاني : له ، والثالث : له في الصغيرة والمجنونة .
[ ص: 80 ] وأما إذا أعسر زوجها بالمهر ، وقلنا : يثبت به الفسخ ، فالفسخ للسيد ، لأنه محض حقه لا تعلق للأمة به ، ولا ضرر عليها في فواته ، وقيل : ليس له الفسخ ، وهو غلط .
فرع
قال الإمام : تتعلق نفقة الأمة المزوجة بالأمة وبالسيد ، أما السيد فلأنها تدخل في ملكه ، لأن الأمة لا تملك ، لكنها بحكم النكاح مأذون لها في القبض ، وبالعرف في تناول المقبوض . وأما الأمة فلها مطالبة الزوج ، كما كانت تطالب السيد ، وإذا أخذتها ، فلها أن تتعلق بالمأخوذ ولا تسلم إلى السيد حتى تأخذ بدله ، وله الإبدال لحق الملك . والحاصل أن له حق الملك ولها حق التوثق ، ولا يجوز للسيد الإبراء من نفقتها ، ولا بيع المأخوذ قبل تسليم البدل إليها ، وفي " التتمة " ما يخالف بعض هذه الجملة ، فإنه قال : حق الاستيفاء للسيد ، فلو سلمها الزوج إليها بغير إذن السيد لم يبرأ ، ولهذا لو قبض النفقة ، وأنفق عليها من ماله ، جاز ، والأول أصح ، وذكر والغزالي البغوي أنها لو جاز ، وليس لها الإبراء عما صار دينا في ذمته ، كما في الصداق ، وقد تنازع قياس الملك في الإبراء من نفقة اليوم ، لكن نفقة اليوم للحاجة الناجزة ، وكانا لا يثبت الملك للسيد إلا بعد الأخذ ، وأما قبله فتمحض الحق لها ، ولو اختلفت الأمة وزوجها في تسليم نفقة اليوم ، أو أيام مستقبلة ، فالقول قولها بيمينها ، ولا أثر لتصديق السيد الزوج ، ولو اختلفا في النفقة الماضية ، وصدق السيد الزوج ، فوجهان : أحدهما : كان السيد شاهدا له ، ولا يثبت المدعى بتصديقه ، وأصحهما : يثبت ، وتكون الخصومة في النفقة الماضية للسيد ، لا لها كالمهر ، وبهذا قطع أبرأت الزوج عن نفقة اليوم المتولي ، كما لو أقر السيد بأن العبد جنى خطأ ، وأنكر العبد ، لا يلتفت إلى إنكاره . ولو أقرت الأمة [ ص: 81 ] بالقبض ، وأنكر السيد ، فالصحيح المنصوص : أن القول قولها ، لأن القبض إليها بحكم النكاح ، أو صريح الإذن ، وقيل : قول السيد ، لأنه المالك .
فصل
جميع ما ذكرناه تفريع على المذهب ، وهو ثبوت ، فإذا قلنا : لا يثبت ، فلها الخروج من المسكن لطلب النفقة إن احتاجت إليه لتحصيلها ، وكذا لو أمكنها أن تنفق من مالها في المسكن ، أو أن تكسب بغزل ونحوه في المسكن على الأصح ، ولها منعه من الوطء على الأصح ، وشرط الفسخ بالإعسار بالنفقة فيه كونها لم تمكن من قبل ، ولم يشترطه الأكثرون . الغزالي