الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        طلق زوجته ، أو مات عنها ، ولها لبن منه ، فأرضعت به طفلا قبل أن تنكح ، فالرضيع ابن المطلق والميت ، ولا تنقطع نسبة اللبن بموته وطلاقه ، سواء ارتضع في العدة أو بعدها ، وسواء قصرت المدة أم طالت كعشر سنين وأكثر ، وسواء انقطع اللبن ثم عاد ، أم لم ينقطع لأنه لم يحدث ما يحال اللبن عليه ، فهو على استمراره منسوب إليه ، وقيل : إن انقطع وعاد بعد مضي أربع سنين من وقت الطلاق لم يكن منسوبا إليه كما لو أتت بولد بعد هذه المدة لا يلحقه ، هكذا خصص البغوي هذا الوجه بما إذا انقطع وعاد ، ومنهم من يشعر كلامه بطرده في صورة استمرار اللبن ، وكيف كان فالصحيح ما سبق . فلو نكحت بعد [ ص: 19 ] العدة زوجا ، وولدت منه ، فاللبن بعد الولادة للثاني ، سواء انقطع وعاد ، أم لم ينقطع لأن اللبن تبع للولد ، والولد للثاني . وأما قبل الولادة من الزوج الثاني ، فإن لم يصبها أو أصابها ولم تحبل ، أو حبلت ولم يدخل وقت حدوث اللبن لهذا الحمل ، فاللبن للأول ، سواء زاد على ما كان أم لا ، وسواء انقطع ، ثم عاد أم لا ، ويقال : أقل مدة يحدث فيها اللبن للحمل أربعون يوما . وإن دخل وقت حدوث اللبن للحمل ، فإما أن ينقطع اللبن مدة طويلة ، وإما أن لا يكون كذلك بأن لم ينقطع ، أو انقطع مدة يسيرة ، ففي الحالة الأولى ثلاثة أقوال : أظهرها : أنه لبن الأول ، والثاني : أنه للثاني ، والثالث : لهما . وفي الحالة الثانية ثلاثة أقوال أيضا : المشهور أنه للأول ، والثاني لهما ، والثالث إن زاد اللبن فلهما ، وإلا فللأول . ولو نزل للبكر لبن ، فنكحت ، ولها لبن ثم حبلت من الزوج ، فحيث قلنا فيما سبق : إن اللبن للثاني أو لهما ، فهنا يكون للزوج ، وحيث قلنا : هو للأول ، فهو هنا للمرأة وحدها ولا أب للرضيع . ولو حبلت امرأة من الزنا وهي ذات لبن من زوج ، فحيث قلنا هناك : اللبن للأول ، أولهما فهو للزوج . وحيث قلنا : هو للثاني ، فلا أب للرضيع . ولو نكحت امرأة لا لبن لها ، فحبلت ونزل لها لبن ، قال المتولي في ثبوت الحرمة بين الرضيع والزوج وجهان بناء على الخلاف ، إن جعلنا اللبن للأول لم يجعل الحمل مؤثرا ولا تثبت الحرمة حتى ينفصل الولد ، وإن جعلناه للثاني أو لهما ، ثبتت .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية