[ ص: 15 ] الباب الثاني فيمن يحرم بالرضاع
تحريم الرضاع يتعلق بالمرضعة ، والفحل الذي له اللبن ، والطفل الرضيع ، فهم الأصول في الباب ، ثم تنتشر الحرمة منهم إلى غيرهم . أما المرضعة فتنتشر الحرمة منها إلى آبائها من النسب والرضاع ، فهم أجداد الرضيع ، فإن كان الرضيع أنثى ، حرم عليهم نكاحها . وإلى أمهاتها من النسب والرضاع ، فهن جدات للرضيع ، فيحرم عليه نكاحهن إن كان ذكرا ، وإلى أولادها من النسب والرضاع ، فهم إخوته وأخواته ، وإلى إخوتها وأخواتها من النسب والرضاع ، فهم أخواله وخالاته ، ويكون أولاد أولادها أولاد إخوة وأولاد أخوات للرضيع ، ولا تثبت الحرمة بين الرضيع وأولاد إخوة المرضعة ، وأولاد أخواتها ، لأنهم أولاد أخواله وخالاته .
وأما الفحل ، فكذلك تنتشر الحرمة منه إلى آبائه وأمهاته ، فهم أجداد الرضيع وجداته ، وإلى أولاده ، فهم إخوة الرضيع وأخواته ، وإلى إخوته وأخواته ، فهم أعمام الرضيع وعماته .
وأما المرتضع فتنتشر الحرمة منه إلى أولاده من الرضاع ، أو النسب ، فهم أحفاد المرضعة أو الفحل ، ولا تنتشر إلى آبائه وأمهاته وإخوته وأخواته ، فيجوز لأبيه وأخيه أن ينكحا المرضعة وبناتها وقد سبق في النكاح أن أربع نسوة يحرمن من النسب ، ومثلهن قد لا يحرمن من الرضاع ، وجعلت تلك الصور مستثناة من قولنا : " يحرم [ ص: 16 ] من الرضاع ما يحرم من النسب " وقد يقال : الحرمة في تلك الصور من جهة المصاهرة ، لا من جهة النسب .
فرع
إنما تثبت الحرمة بين الرضيع والفحل إذا كان منسوبا إلى الفحل بأن ينتسب إليه الولد الذي نزل عليه اللبن ، أما اللبن النازل على ولد الزنا ، فلا حرمة له ، فلا يحرم على الزاني أن ينكح الصغيرة المرتضعة من ذلك اللبن ، لكنه يكره وقد حكينا في النكاح وجها أنه لا يجوز له نكاح بنت زناه التي تعلم أنها من مائه ، فيشبه أن يجيء ذلك الوجه هنا ، ولو ، لم تثبت الحرمة . ولو أرضعت به ثم لاعن ، انتفى الرضيع عنه ، كما ينتفي الولد . فلو استلحق الولد بعد ذلك لحق الرضيع ، ولم يذكروا هنا الوجهين المذكورين في نكاحه التي نفاها باللعان ، ولا يبعد أن يسوى بينهما . ولو كان الولد من وطء شبهة ، فاللبن النازل عليه ينسب إلى الواطئ ، كما ينسب إليه الولد ، هذا هو المشهور ، وفي قول : لا تثبت الحرمة من جهة الفحل بلبن وطء الشبهة لأنه لا ضرورة إلى إثبات حرمة الرضاع بخلاف النسب . نفى الزوج ولدا باللعان ، وارتضعت صغيرة بلبنه