فصل : والثاني من تأويل أصحابنا : أن المسألة مقصورة في عتق ناجز في حياة المعتق ، ، وقولهم : وفيه أي : في المرض الذي يكون العتق فيه معتبرا بالثلث كالوصية ، فعبر عن المرض بالوصية ، لأن العتق لو كان في الصحة لأوجبت الشهادتان عتق العبدين ، وإن زادا على الثلث ، لأن عطايا الصحة لا تعتبر بالثلث ، وإذا كان كذلك فالشهادتان على ثلاثة أضرب : فشهد أجنبيان أنه أعتق عبده سالما وهو الثلث ، ويشهد وارثان أنه أعتق عبده غانما وهو الثلث
أحدهما : أن يدل على تقدم عتق أحدهما على الآخر ، فيتحدد بها عتق المتقدم ورق المتأخر إذا تساويا في تقويم كل واحد منهما بالثلث ، ولا يقرع بينهما لتحري العتق المتقدم المزيل للإشكال ، فامتنعت فيه القرعة المستعملة مع الإشكال .
فإن أراد المزني الإقراع بينهما في هذا الموضع فقد أخطأ لما بيناه .
والضرب الثاني : أن تدل الشهادتان على وقوع عتقهما في حالة واحدة ، وهذا يكون في تعليق عتقهما بصفة واحدة كقوله : إذا أهل رمضان فسالم حر ، وإذا أهل رمضان فغانم حر فإن أهل رمضان عتقا واستوى [ في ] ، عتقهما حكم الجمع والتفريق . فيجب الإقراع بينهما لامتناع عتقهما معا ، وأعتق منهما من قرع ورق الآخر .
وإن أراد المزني بالقرعة بينهما في هذا الموضع فقد أصاب في الحكم وإن أخطأ في العبارة ، والجواب في هذين الضربين متفق عليه .
والضرب الثالث : أن تدل الشهادتان على تقدم عتق أحدهما على الآخر ولا يكون فيها بيان المتقدم والمتأخر ، ففيه قولان :
أحدهما : يقرع بينهما ويعتق من قرع منهما . نص عليه الشافعي في كتاب " الأم " . ويكون المزني في هذا القول مصيبا في اعتراضه ، وإنما استعملت القرعة بينهما ، لامتناع الجمع بينهما وعدم المزية في أحدهما ، فكان تكميل الحرية في أحدهما أولى من تبعيضها فيهما .
والقول الثاني : وهو المنصوص عليه في هذا الموضع ، أن يعتق من كل واحد منهما نصفه ولا يقرع بينهما ، لأنه ربما عتق بالقرعة مستحق الرق لتأخره ورق بها مستحق العتق لتقدمه ، فإذا عتق نصفهما ورق نصفهما ، عتق نصف المتقدم وعتقه [ ص: 280 ] مستحق ، ورق نصف المتأخر ورقه مستحق ، فصارت أقرب إلى الاستحقاق من الإقراع .
ويكون المزني على هذا القول مخطئا في اعتراضه .