مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " وصلاة التطوع ضربان . أحدهما : صلاة جماعة مؤكدة ، لا أجيز تركها لمن قدر عليها ، وهي صلاة العيدين ، وكسوف الشمس والقمر ، والاستسقاء ، وصلاة منفرد ؟ وبعضها أوكد من بعض ، فأوكد ذلك الوتر ويشبه أن يكون صلاة التهجد ، ثم ركعتا الفجر ، ولا أرخص لمسلم في ترك واحدة منهما ، وإن لم أوجبهما ، ومن ترك واحدة منهما أسوأ حالا من ترك جميع النوافل " .
[ ص: 282 ] قال الماوردي : وهذا صحيح والصلاة على ضربين :
فرض .
وتطوع .
فالفرض : خمس في اليوم والليلة ، من جحدهن فقد كفر ، ومن تركهن غير جاحد فقد فسق ، فأما فضربان : التطوع
أحدهما : ما سن فعله في جماعة ، وهو خمس صلوات : العيدان ، والخسوفان ، والاستسقاء .
والضرب الثاني : ما سن فعله مفردا ، وهو الوتر ، وركعتا الفجر ، وصلاة الضحى ، والسنن الموظفات مع الصلوات المفروضات على ما سنذكره .
فأما ما سن في جماعة فهو آكد ، وأفضل مما سن منفردا لثلاثة معان :
أحدها : أنها أشبه بالفرائض ، لاشتراكهما في الجماعة .
والثاني : أنه لما كانت الفرائض ضربين ، ضرب فرض في جماعة ، وهو الجمعة ، وضرب لم يفرض في جماعة .
. والسنة ضربان
ضرب في جماعة .
وضرب لم يسن في جماعة ، ثم وجدنا ، ووجب أن يكون ما سن في الجماعة من المسنون أوكد وأفضل . ما سن في جماعة من المفروض أوكد وأفضل
والثالث : أنه لما كانت التي سن لها الجمعة أداؤها جماعة أفضل من أدائها فرادى وجب أن تكون النوافل التي سن لها الجماعة أفضل من النوافل التي لم تسن في جماعة .
فإذا تقرر أن أفضل وآكد ففيها لأصحابنا وجهان : المسنون في جماعة
أحدهما : أنها فرض على الكفاية لقوة سببها ، وظهور شرائع الإسلام بها ، فعلى هذا الوجه يستوي حكم جميعها في الفضل وليس بعضها أوكد من بعض .
والوجه الثاني : وهو مذهب الشافعي : أنها سنة مؤكدة ؟ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : فجعل ما سوى الخمس تطوعا ، فعلى هذا المذهب ، وهو الصحيح فيها وجهان : لا إلا أن تطوع
أحدهما : أن جميعها في الفضل سواء ، وليس بعضها أوكد من بعض لاستواء أمره صلى الله عليه وسلم ، وفعله لها ، وحمله عليها .
والوجه الثاني : وهو أظهر أن بعضها أوكد من بعض : لأنه لما كان ما سن فعله مفردا بعضه أوكد من بعض وجب أن يكون ما سن في الجماعة بعضه أوكد من بعض ، فعلى هذا [ ص: 283 ] أوكد ذلك صلاة العيدين : لأن لها وقتا راتبا في السنة معينا في اليوم ، فشابهت الفرائض ، ثم يليها في التأكيد صلاة كسوف الشمس ، ثم خسوف القمر : لورود القرآن بهما ، ثم يلي ذلك صلاة الاستسقاء .