مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " فإن كان ببادية غنم أو إبل أو بقر أخذت على المرعى خلاها والرعي ، فإن أجدبت الأرض علفها أو ذبحها أو باعها ولا يحبسها فتموت هزلا إن لم يكن في الأرض متعلق وأجبر على ذلك إلا أن يكون فيها متعلق لأنها على ما في الأرض تتخذ وليست كالدواب التي لا ترعى والأرض مخصبة إلا رعيا ضعيفا ولا تقوم للجدب قيام الرواعي " .
قال الماوردي : معتبرة بعرفها ، ولها في العرف ثلاثة أحوال : علوفة البهائم
أحدها : أن تكون معلوفة لا ترعى ؛ فعليه أن يعلفها حتى تنتهي إلى أول شبعها ، ولا يلزمه الانتهاء إلى غايته ، ويسقيها حتى تنتهي إلى ريها دون غايته ، وليس له أن يعدل بها إلى الرعي إذا لم تألفه ، فإن امتنع من علفها أو قصر عن كفايتها روعي حالها ، فإن [ ص: 532 ] كانت مأكولة خير مالكها بين ثلاثة أمور : بين علفها أو ذبحها أو بيعها .
فإن امتنع باع السلطان منها بقدر علفها ، فإن تعذر بيع بعضها باع عليه جميعها ، وإن كانت غير مأكولة ، خير بين علفها أو بيعها وحرم عليه ذبحها لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذبح الحيوان إلا لمأكله .
والحال الثانية : أن تكون راعية لا تعتلف ؛ فعليه إرسالها في المرعى حتى تشبع من الكلأ ، وترتوي من الماء وعليه في تسريحها للمرعى حقان : أحدهما أن تكون أرض المرعى ذات ماء مشروب .
والثاني : أن تكون الأرض غير مشبعة حتى لا تفترش ، ثم له بعد الشبع والرعي أن يستعمل عواملها ، فإن جدبت الأرض ولم يبق فيها متعلق ترعى نقلها إلى أرض خصبة إن وجدها ، فإن لم يجد ارتاد لها ما يمسك رمقها ، فإن لم يفعل فعل ما قدمناه .
والحال الثالثة : أن تكون جامعة بين العلوفة والرعي ، فعلى ضربين :
أحدها : أن تكتفي بكل واحد منهما فيكون مخيرا فيهما ، فإن امتنع فعلى ما مضى .
والضرب الثاني : أن لا تكتفي إلا بهما ؛ فعليه لها الجمع بينهما ولا يقتصر بها على أحدهما ، فإن امتنع فعلى ما مضى .