مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " فلا يحل لواحد منها أن ينكح الآخر " . قال ولو قال رجل : هذه أختي من الرضاعة أو قالت : هذا أخي من الرضاعة وكذبته أو كذبها الماوردي : وصورتها في رجل وامرأة لا نكاح بينهما فأقر الرجل أنها أخته من الرضاعة أو بنته أو أمه ، أو أقرت المرأة بأنه أخوها من الرضاعة ، أو ابنها أو أبوها ، كان قول كل واحد منهما في التحريم مقبولا عليها إذا كان ممكنا سواء صدقه صاحبه عليه أو كذبه ، وإن لم يمكن واستحال _ مثل أن يتساوى بينهما أو يتقارب فتقول المرأة : هذا أبي من الرضاعة ، أو يقول الرجل : هذه أمي من الرضاعة فيعلم استحالة هذا الإقرار - فيكون مردودا لا يتعلق به التحريم . وقال أبو حنيفة : يقبل الإقرار ويثبت به التحريم مع استحالته التزاما للإقرار ، وتغليبا للحظر وبناء على أصله فيمن قال لعبد له هو أكبر سنا منه : أنت ابني ، عتق عليه مع استحالة بنوته ، وهذا قول مستهجن يدفعه المعقول ، والكلام عليه يأتي بعد . فإذا ثبت ما وصفنا وحكم بتحريم الرضاع بينهما بوجود الإقرار من أحدهما لم يحتج في الإقرار إلى صفة الرضاع وذكر العدد بخلاف الشهادة ؛ لأمرين : أحدهما : أن الشهادة لا تصح إلا عن مشاهدة فاستوفى فيها شروط المشاهدة ، والإقرار لا يفتقر إلى المشاهدة ؛ لأنه لا يشاهد رضاع نفسه من لبن أمه ، وإنما يعمل على الخبر الذي يوثق له فيصدقه . [ ص: 407 ] والثاني : أن في الشهادة التزام حق على غير المشاهد فبني على الاحتياط في نفي الاحتمال ، والإقرار التزام حق على النفس فكان في ترك الاحتياط تقصير عن المقر فالتزم حكم إقراره ، هذا فيما تعلق بصفة الرضاع . فأما العدد فمعتبر بحال الإقرار ؛ فإن قال الرجل : بيني وبينها رضاع افتقر التحريم إلى ذكر العدد ، وإن قال : هي أختي من الرضاع لم يفتقر إلى ذكر العدد إن كان من أهل الاجتهاد ؛ لأن في اعترافه بأخوتها التزاما بحكم التحريم بالعدد المحرم ، وإن لم يكن من أهل الاجتهاد احتمل وجهين : أحدهما : يلزمه ذكر العدد ويرجع فيه إليه بعد إقراره بجهله بالتحريم المحتمل . والوجه الثاني : لا يلزم ذكر العدد ، ولا يرجع فيه إليه بعد إطلاق الإقرار بالتحريم كما لا يرجع إليه في صفة الطلاق بعد إقراره به كما لو أقر بأنها أخته من النسب .