مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وأكره له في الورع أن ينكح بنات الذي ولده من زنا ، فإن نكح لم أفسخه ؛ لأنه ابنه في حكم النبي صلى الله عليه وسلم قضى عليه الصلاة والسلام بابن وليدة زمعة لزمعة وأمر سودة أن تحتجب منه ؛ لما رأى من شبهه بعتبة ، فلم يرها وقد حكم أنه أخوها لأن ترك رؤيتها مباح وإن كان أخاها ( قال المزني ) رحمه الله : وقد كان أنكر على من قال : يتزوج ابنته من زنا ويحتج بهذا المعنى ، وقد زعم أن رؤية ابن زمعة مباح وإن كرهه ، فكذلك في القياس لا يفسخ نكاحه وإن كرهه ، ولم يفسخ نكاح ابنه من زنا بناته من حلال لقطع الأخوة فكذلك في القياس لو تزوج ابنته من زنا لم [ ص: 393 ] يفسخ ، وإن كرهه لقطع الأبوة ، وتحريم الأخوة كتحريم الأبوة ، ولا حكم عنده لقول النبي صلى الله عليه وسلم : سودة فهو في معنى الأجنبي ، وبالله التوفيق " . قال وللعاهر الحجر الماوردي : وهذه مسألة قد مضت ، وذكرنا أن وأن الفقهاء قد اختلفوا ، ولد الزنا لا يلحق بالزاني على أربعة مذاهب : أحدها : أن نكاحها حرام عليه ومتى أقر بها لحقته ، حكى ذلك عن هل يجوز للزاني أن يتزوجها إذا كانت بنتا عمر ، والحسن ، وابن سيرين ، وبه قال أحمد ، وإسحاق . والمذهب الثاني : أنها تحرم عليه ولا تلحق به إذا أقر بها ، وبه قال أبو حنيفة . والمذهب الثالث : أنها تحل له ولا يكره له نكاحها ، وبه قال المزني . والمذهب الرابع : وهو قول الشافعي : أنه يحل له نكاحها ، ويكره له ذلك . واختلف أصحابه في معنى كراهيته على وجهين : أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي يجوز أن تكون مختلقة من مائه ، فعلى هذا لو تحقق خلقها من مائه بأن حبسا معا من مدة الزنا إلى وقت الولادة حرمت عليه . والقول الثاني : وهو قول أبي حامد المروزي : أنه يكره نكاحهما لما فيه من اختلاف ، كما كره القصر في أقل من ثلاث ، وإن كان عنده جائزا لما فيه من الاختلاف ، فعلى هذا لو تحقق خلقها من مائه ، لم تحرم عليه ، وإنما جاز له أن يتزوجها لثلاثة أمور : أحدها : لانتفاء نسبها عنه كالأجانب . والثاني : لانتفاء أحكام النسب بينهما من الميراث ، والنفقة والقصاص كذلك تحريم النكاح . والثالث : لإباحتها لأخيه ولو حرمت عليه ؛ لأنه الأب لحرمت عليه ؛ لأنه العم ، فأما المزني فإنه تكلم على كراهة الشافعي له ، فإن نسب ذلك إلى التحريم كان غلطا منه عليه ، وإن نسبه إلى كراهة اختيار مع جوازه كان مصيبا ، وقد ذكرنا معنى الكراهية .