فصل : المسألة الثانية أن ، فلها ثلاثة أحوال : يقول لها : زنيت وأنت نصرانية أو يهودية
أحدها : أن يعلم أنها كانت نصرانية .
والثاني : أن يعلم أنها لم تزل مسلمة .
والثالث : أن يجهل حالها .
فأما الحال الأولى ، وهو أن يعلم أنها كانت نصرانية ، فلا حد عليه بقذفها في حال النصرانية لعدم كمالها ، ويعزر تعزير القذف ؛ لأنه قاذف وله أن يلاعن منه ، فلو اختلفا فقالت : أردت قذفي بعد إسلامي فعليك الحد ، وقال : بل أردت قذفك قبل إسلامك فلا حد علي ، فالذي قاله أبو القاسم الداركي ، وأبو حامد الإسفراييني : أن القول قولها مع يمينها ، وعليه الحد إلا أن يلاعن .
[ ص: 111 ] لأن قوله : زنيت يقتضي القذف في الحال ، وقوله : وأنت نصرانية يقتضي الإخبار عن تقدم حالها ، فصار الظاهر معها ، والذي أراه أن القول قوله مع يمينه ولا حد عليه ؛ لأنه لما وصل قوله : زنيت ، بقوله : وأنت نصرانية ، كان أظهر احتماليه إضافة الزنا إلى النصرانية ليكون أحدهما تعلق بالآخر ، ولو استوى الاحتمالان لوجب أن تدرأ الحدود بالشبهات .
وأما الحال الثانية : وهو أن يعلم أنها لم تزل مسلمة فقد صار قاذفا لها بالزنا ، وراميا لها بالكفر ، فعليه الحد في قذفها إلا أن يلاعن ، وعليه التعزير في رميها بالنصرانية لأجل الأذى .
وأما الحال الثالثة : وهو أن يجهل حالها ، فلم يعلم هل كانت نصرانية أم لا ؟ فإنها تسأل ، فإن اعترفت بتقدم النصرانية كان على ما مضى إذا علم نصرانيتها ، وإن لم تعترف بالنصرانية وأنكرتها ، ففيه قولان :
أحدهما : أن القول قوله مع يمينه ويعزر ولا حد عليه ؛ لأن دار الإسلام تجمع الفريقين ، وجنب المؤمن حمى ، والحدود تدرأ بالشبهات ، وله أن يلاعن في هذا التعزير لأنه تعزير قذف .
والقول الثاني : أن القول قولها مع يمينها أنها لم تزل مسلمة ويحد لها إلا أن يلتعن ؛ لأن الظاهر من دار الإسلام إسلام أهلها ، فجرى حكم الإسلام عليهم كما يجري حكم الإسلام على اللقيط إذا جهلت حاله .