مسألة : قال الشافعي : " وأيهما مات قبل يكمل الزوج اللعان ورث صاحبه والولد غير منفي حتى يكمل ذلك كله " .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، ، ونظر فإن كان الميت منهما هي الزوجة فقد بانت بالموت ولا يخلو حالها من أن تكون ذات ولد أو لا ولد لها ، فإن كانت ذات ولد فله أن يلاعن لنفيه [ ص: 78 ] ويبنى على ما مضى من لعانه قبل موتها ، فإن كان الولد قد مات جاز أن يلاعن لنفيه بعد موته ، ولا يرث الولد وإن ورث الزوجة . إذا مات أحد الزوجين عند الشروع في اللعان وقبل كماله توارثا
والفرق بينهما : أن وقوع الفرقة لا يمنع من صحة الزوجية قبل الفرقة ، ونفي الولد يمنع من نسبته قبل النفي ، فلذلك ورث الزوجة إذا ماتت قبل لعانه ، ولم يرث الولد إذا مات قبل لعانه ، وإن لم يكن للزوجة ولد زال حكم نفيه باللعان وبقي حد القذف وهو عندنا موروث ، فإن طالبه به الورثة كان للزوج أن يلاعن لإسقاطه ولا يمنعه اللعان لإسقاطه ولنفي الولد من ميراثها لوقوع الفرقة بالموت لا باللعان ، فإن قيل : أفليس إذا ورثها ورث حقه من حد قذفها ؛ فهلا سقط عنه الحد كما يسقط عنه بالقصاص إذا ورث بعضه ؟ .
قيل : لأن مشترك على الفرائض ، فإذا ورث بعضه سقط عنه لأنه لا يتبعض ، وليس كذلك حد القذف ، لأن كله ميراث لكل واحد من الورثة فكان لكل واحد منهم أن يستوفيه كله ، فإن عفى الوارث عن الحد لم يكن للزوج أن يلاعن ؛ لأن الفراش قد ارتفع بالموت ، والحد قد سقط بالعفو وليس هناك ولد ينفى فلم يبق ما يحتاج فيه إلى اللعان فلذلك سقط ، فأما إن لم يكن لها وارث ففي قيام الإمام في استيفاء الحد لها وجهان : ميراث القصاص
أحدهما : له أن يستوفيه ، لأن الإمام مقام الورثة في المال فقام مقامهم في استيفاء الحد . فعلى هذا يجوز للزوج أن يلاعن لإسقاطه .
والوجه الثاني : أنه ليس للإمام أن يستوفيه وإن استوفى ميراثها لبيت المال ، لأن لبيت المال حقوقا مستفادة تخالف حد القذف ، فعلى هذا لا يجوز للزوج أن يلاعن .