مسألة : قال الشافعي : " وله منعها من شهود جنازة أمها وأبيها وولدها ، وما أحب ذلك له " .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، لأن دوام استحقاقه للاستمتاع بها يمنعها من تفويت ذلك عليه بخروجها ، ولأن له تحصين مائه بالمنع من الخروج ، فلو مرض أبوها أو أمها كان له منعها من عيادتهما ، ولو ماتا كان له منعها من حضور جنازتهما للمعنى الذي ذكرناه ، وكمن استأجر أجيرا ليعمل مقدارا بمدة ، كان له منعه من الخروج لذلك ، وقد روى وللزوج منع امرأته من الخروج من منزله ؛ ثابت عن أنس أن رجلا سافر عن زوجته ونهاها عن الخروج ، فمرض أبوها ، فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في عيادته فقال : اتق الله ولا تخالفي زوجك ، ثم مات أبوها فاستأذنته في حضور جنازته ، فقال : اتق الله ، ولا تخالفي زوجك ، [ ص: 585 ] فأوحى الله تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم أن الله قد غفر لأبيها بطاعتها لزوجها ، ولأن في اتباع النساء للجنائز هتكة ينهين عنها .
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج مع جنازة إلى البقيع فرأى فاطمة ، فقال من أين ؟ قالت :
عدت مريضا لبني فلان ، قال : إني ظننتك مع الجنازة ، ولو كان ذلك ما كلمتك أبدا .
قال الشافعي : إلا أنني لا أحب له أن يمنعها من عيادة أبيها إذا ثقل ، ومن حضور مواراته إذا مات ، لما فيه من نفورها عنه ، وإغرائها بالعقوق .