مسألة : قال الشافعي : " ويقسم للحرة ليلتين وللأمة ليلة إذا خلى المولى بينه وبينها في ليلتها ويومها " .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا كان تحته حرة وأمة زوجتان ، وذلك من أحد وجهين : إما أن يكون الزوج عبدا فنكح أمة وحرة ، ويكون حرا تزوج الأمة عند عدم الطول ثم نكح بعدها حرة ، فعليه أن يقسم لهما ، ويكون قسم الأمة على النصف من قسم الحرة ، وذلك بأن يقسم للحرة ليلتين ، وللأمة ليلة ، أو للحرة أربع ليال وللأمة ليلتين .
وقال مالك : عليه التسوية بينهما في القسم ؛ استدلالا برواية أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : . من كان له امرأتان ، فمال إلى إحداهما ، جاء يوم القيامة وشقه مائل
ولأنهما يستويان في قسم الابتداء ، إذا نكحها خصها بسبع إن كانت بكرا ، وبثلاث إن كانت ثيبا وجب أن يستويا في قسم الانتهاء .
ودليلنا : رواية الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لا تنكح أمة على حرة ، وللحرة الثلثان وللأمة الثلث " .
[ ص: 575 ] فإن قيل : فهذا مرسل ، وليست المراسيل عندكم حجة .
قيل : قد عضد هذا المرسل قول صحابي ، وهو ما روى المنهال ، عن زر بن حبيش ، عن علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنه - أنه قال : قسم لها يومين ، وللأمة يوما . وإذا عضد المرسل قول صحابي صار المرسل حجة . إذا تزوجت الحرة على الأمة
وعلى أنه ليس يعرف لعلي - رضي الله تعالى عنه - في هذا القول مخالف فكان إجماعا ، ولأن ما كان ذا عدد تبعضت الأمة فيه من الحرة كالحدود والعدة والطلاق .
ولأن وجوب القسم لها في مقابلة وجوب الاستمتاع بها فلما تبعض الاستمتاع بها من الحرة لاستحقاق الاستمتاع بها في الليل ، ووجوب الاستمتاع بالحرة في الليل والنهار ، وجب أن يتبعض ما في مقابلته من القسم .
فأما الخبر فلا دليل فيه ؛ لأن العمل بما أوجبه الشرع لا يكون ميلا محظورا ، وأن استدلالهم بقسم الابتداء ، فقد اختلف أصحابنا هل يستويان فيه أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما - وهو قول أبي علي بن أبي هريرة - : أنهما لا يتساويان فيه ، بل يتفاضلان كقسم الانتهاء ، فسقط الدليل .
الثاني - وهو قول أبي إسحاق المروزي - : أنهما يتساويان في قسم الابتداء وإن تفاضلا في قسم الانتهاء .
والفرق بينهما أن قسم الابتداء موضوع للأنسية ، فاستوى فيه الحرة والأمة ، وقسم الانتهاء موضوع للاستمتاع ، والاستمتاع بالأمة ناقص عن الاستمتاع بالحرة