فصل : فإذا استقر بما ذكرنا ، أن جائزة ، فإنما تجوز برضا الزوج ؛ لأن له حق الاستمتاع بها ، فلم يكن لها أن تنفرد بإسقاط حقه منها إلا برضاه ، فإذا رضي بهبتها ، صار مسقطا لحقه في الاستمتاع بها ، فتعتبر حينئذ حال هبتها ، فإنها لا تخلو من ثلاثة أقسام : هبة القسم
أحدها : أن تهب ذلك لامرأة بعينها من نسائه .
والثاني : أن تهب ذلك لجميعهن .
[ ص: 571 ] والثالث : أن تهب ذلك للزوج .
فإن وهبت قسمها لامرأة بعينها ، كما وهبت يومها سودة لعائشة - رضي الله تعالى عنها - جاز ، ولم يعتبر فيه رضا الموهوب لها في تمكين الزوج من الاستمتاع بها ، كما لا يراعى ذلك في زمان نفسها ، فيصير لها يوم نفسها ويوم الواهبة ، وهل يجمع الزوج لها بين اليومين ، أو تكون على ما كان عليه من الافتراق ؟ على وجهين :
أحدهما : يجمع لها بينهما ، ولا يفرقهما كما لا يفرق عليها يومها .
والوجه الثاني : أن يكون اليومان على تفريقهما ، يختص بيوم نفسها ، فإذا جاء يوم الواهبة على ترتيبه جعله لها ، ولم يجمع بينهما إذا كانا في الترتيب مفترقين ؛ لأنها قد أقيمت فيه مقام الواهبة ، فلم يعدل به عن زمانه ، كما لا يعدل به عن مقداره ، وهذا أشبه .
وأما إن وهبت يومها لجميع نسائه من غير أن تخص به واحدة منهن بعينها ، فيسقط حقها من القسم ، ولا يتعين به قسم غيرها ، ويكون حال القسم بعد هبتها ، كحاله لو عدمت فيصير مؤثرا في إسقاط حقها ، ولا يؤثر في زيادة حق غيرها ، وإنما يختص تأثيره إذا كن مع الواهبة أربعا ، إن كان يعود يوم كل واحدة بعد ثلاثة أيام ، فصار يعود بعد يومين .
وأما إن وهبت يومها لزوجها ، فله أن يجعل يومها لمن أراد من نسائه ، فإذا جعله لواحدة منهن بعينها اختصت باليومين دون غيرها ، وفي جمعه وتفرقته ما ذكرنا من الوجهين ، فلو أراد الزوج أن ينقل يوم الهبة في كل نوبة إلى أخرى ، جاز فيجعل يوم الهبة في هذه النوبة لعمرة ، وفي النوبة الأخرى لحفصة ، وفي النوبة الثالثة لهند ، فيكون ذلك محمولا على خياره ؛ لأنها هبة ، فجاز أن يختص بها من شاء .