[ القول في ] اختلاف الزوجين في قبض المهر
مسألة : قال الشافعي : " والقول قول المرأة ما قبضت مهرها ؛ لأنه حق من الحقوق ، فلا يزول إلا بإقرار الذي له الحق ومن إليه الحق " .
قال الماوردي : وهذا صحيح .
إذا ، فقال الزوج : قد أقبضتك مهرك ، وقالت الزوجة : لم أقبضه ، فالقول قول الزوجة مع يمينها ، أنها لم تقبضه ، وسواء كان قبل الدخول أو بعده ، أو قبل الزفاف أو بعده . اختلف الزوجان في قبض المهر مع اتفاقهما على قدره
[ ص: 501 ] وحكي عن بعض الفقهاء السبعة بالمدينة أنه إن كان قبل الزفاف فالقول قولها ، وإن كان بعد الزفاف فالقول قوله .
وقال مالك : إن كان قبل الدخول فالقول قولها ، وإن كان بعد الدخول فالقول قوله ؛ استدلالا بالعرف أنها لا تسلم نفسها غالبا إلا بعد قبض المهر ، فكان الظاهر بعد الدخول والزفاف مع الزوج فقبل قوله ، وقبل الدخول والزفاف مع الزوجة فلم يقبل قوله .
وهذا فاسد ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ، والزوج مدع فكلف البينة ، والزوجة منكرة فكلفت اليمين ، ولأن من ثبت في ذمته حق لغيره لم يقبل قوله في دفعه كالديون . البينة على المدعي واليمين على من أنكر
فأما الاعتبار بالعادة فغير صحيح ؛ لأن عادات الناس فيه مختلفة ، ثم لو اتفقت لما تعلق بها حكم .
ألا ترى أن مشتري السلعة إذا ادعى دفع ثمنها بعد قبضها لم يقبل قوله ، وإن جرت العادة بأن السلعة لا تسلم إليه إلا بعد قبض الثمن منه .
ولو ادعى الراهن قضاء الدين بعد رد الرهن عليه ، لم يقبل قوله ، وإن جرت العادة أن الرهن لا يرد إلا بعد قبض الدين ، كذلك الزوجة .