[ ص: 129 ] بسم الله الرحمن الرحيم عرفت هذه السورة في كتب التفسير وكتب السنة وفي المصاحف بـ ( سورة الممتحنة ) . قال سورة الممتحنة القرطبي : والمشهور على الألسنة النطق في كلمة ( الممتحنة ) بكسر الحاء وهو الذي جزم به السهيلي .
ووجه التسمية أنها جاءت فيها آية امتحان إيمان النساء اللاتي يأتين من مكة مهاجرات إلى المدينة وهي آية يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن إلى قوله بعصم الكوافر . فوصف الناس تلك الآية بالممتحنة لأنها شرعت الامتحان . وأضيفت السورة إلى تلك الآية .
وقال السهيلي : أسند الامتحان إلى السورة مجازا كما قيل لسورة براءة الفاضحة . يعني أن ذلك الوصف مجاز عقلي .
وروي بفتح الحاء على اسم المفعول قال ابن حجر : وهو المشهور أي المرأة الممتحنة على أن التعريف تعريف العهد والمعهود أول امرأة امتحنت في إيمانها ، وهي أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط امرأة . كما سميت سورة قد سمع الله ( سورة المجادلة ) بكسر الدال . عبد الرحمن بن عوف
ولك أن تجعل التعريف تعريف الجنس ، أي النساء الممتحنة .
قال في الإتقان : وتسمى ( سورة الامتحان ) ، ( وسورة المودة ) ، وعزا ذلك إلى كتاب جمال القراء ولم يذكر سنده . لعلي السخاوي
[ ص: 130 ] . وهذه السورة مدنية بالاتفاق
واتفق أهل العدد على عد آيها ثلاث عشرة آية . وآياتها طوال .
واتفقوا على أن الآية الأولى نزلت في شأن إلى المشركين من حاطب بن أبي بلتعة أهل مكة . كتاب
روى من طريق البخاري عن سفيان بن عيينة يبلغ به إلى عمرو بن دينار رضي الله عنه قصة كتاب علي بن أبي طالب إلى حاطب بن أبي بلتعة أهل مكة ثم قال : قال : نزلت فيه عمرو بن دينار يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء قال سفيان : هذا في حديث الناس لا أدري في الحديث أو قول عمرو . حفظته من عمرو وما تركت منه حرفا اهـ .
وفي صحيح مسلم وليس في حديث أبي بكر وزهير من الخمسة الذين روى عنهم مسلم يروون عن ذكر الآية . وجعلها سفيان بن عيينة إسحاق أي بن إبراهيم أحد من روى عنهم مسلم هذا الحديث في روايته من تلاوة سفيان اهـ . ولم يتعرض مسلم لرواية عمرو الناقد وابن أبي عمر عن سفيان فلعلهما لم يذكرا شيئا في ذلك .
واختلفوا في آن كتابه إليهم أكان عند تجهز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للحديبية وهو قول قتادة ودرج عليه ابن عطية وهو مقتضى رواية الحارث عن عند علي بن أبي طالب قال : لما أراد النبيء - صلى الله عليه وسلم - أن يأتي الطبري ، مكة أفشى في الناس أنه يريد خيبر وأسر إلى ناس من أصحابه منهم أنه يريد حاطب بن أبي بلتعة مكة . فكتب حاطب إلى أهل مكة . . . إلى آخره ، فإن قوله : أفشى ، أنه يريد خيبر يدل على أن إرادته مكة إنما هي إرادة عمرة الحديبية لا غزو مكة لأن خيبر فتحت قبل فتح مكة . ويؤيد هذا ما رواه أن المرأة التي أرسل معها الطبري حاطب كتابه كان مجيئها المدينة بعد غزوة بدر بسنتين : وقال ابن عطية : . نزلت هذه السورة سنة ست
وقال جماعة : كان كتاب حاطب إلى أهل مكة عند تجهز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لفتح مكة ، وهو ظاهر صنيع جمهور أهل السير وصنيع في كتاب المغازي من صحيحه في ترتيبه للغزوات ، ودرج عليه معظم المفسرين . البخاري
[ ص: 131 ] ومعظم الروايات ليس فيها تعيين ما قصده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تجهزه إلى مكة أهو لأجل العمرة أم لأجل الفتح فإن كان الأصح الأول وهو الذي نختاره كانت السورة جميعها نازلة في مدة متقاربة فإن امتحان كان عقب صلح أم كلثوم بنت عقبة الحديبية . ويكون نزول السورة مرتبا على ترتيب آياتها وهو الأصل في السور .
وعلى القول الثاني يكون صدور السورة نازلا بعد آيات الامتحان وما بعدها حتى قال بعضهم : إن أول السورة نزل بمكة بعد الفتح ، وهذا قول غريب لا ينبغي التعويل عليه .
وهذه السورة قد عدت الثانية والتسعين في تعداد نزول السور . عند نزلت بعد سورة العقود وقبل سورة النساء . جابر بن زيد