[ ص: 93 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة النحل
سميت هذه السورة عند السلف سورة النحل ، وهو اسمها المشهور في المصاحف ، وكتب التفسير ، وكتب السنة .
ووجه تسميتها بذلك أن لفظ النحل لم يذكر في سورة أخرى .
وعن قتادة أنها تسمى : أي بكسر النون وفتح العين ، قال سورة النعم ابن عطية : لما عدد الله فيها من النعم على عباده .
وهي مكية في قول الجمهور ، وهو عن ، ابن عباس وابن الزبير ، وقيل إلا ثلاث آيات نزلت بالمدينة منصرف النبيء - صلى الله عليه وسلم - من غزوة أحد ، وهي قوله تعالى وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به إلى آخر السورة ، قيل : نزلت في نسخ عزم النبيء - صلى الله عليه وسلم - على أن يمثل بسبعين من المشركين إن أظفره الله بهم مكافأة على تمثيلهم بحمزة .
وعن قتادة أن أولها مكي إلى قوله تعالى وجابر بن زيد والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا فهو مدني إلى آخر السورة .
وسيأتي في تفسير قوله تعالى ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يرجح أن بعض السورة مكي وبعضها مدني ، وبعضها نزل بعد الهجرة [ ص: 94 ] إلى الحبشة كما يدل عليه قوله تعالى ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ، وبعضها متأخر النزول عن سورة الأنعام ; لقوله في هذه وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل ، يعني بما قص من قبل قوله تعالى وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر الآيات .
وذكر القرطبي أنه روي عن : لما نزلت هذه الآية قرأتها على عثمان بن مظعون أبي طالب فتعجب ، وقال : يا آل غالب اتبعوا ابن أخي تفلحوا فوالله إن الله أرسله ليأمركم بمكارم الأخلاق .
وروى أحمد عن أن ابن عباس لما نزلت هذه الآية كان جالسا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - قبل أن يسلم - قال : فذلك حين استقر الإيمان في قلبي ، وأحببت عثمان بن مظعون محمدا - صلى الله عليه وسلم - .
وروي أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - أمره الله أن يضعها في موضعها هذا من هذه السورة .
وهذه السورة نزلت بعد سورة الأنبياء ، وقبل سورة ( الم ) السجدة ، وقد عدت الثانية والسبعين في ترتيب نزول السور .
وآيها مائة وثمان وعشرون بلا خلاف ، ووقع للخفاجي عن الداني أنها نيف وتسعون ، ولعله خطأ أو تحريف أو نقص .