وقال ، عن علي بن زيد بن جدعان الحسن ، عن قيس بن عباد ، قال : سمعت عليا يقول : والله ما عهد إلي رسول الله عهدا إلا شيئا عهده إلى الناس ، ولكن الناس وقعوا في عثمان فقتلوه ، فكان غيري فيه أسوأ حالا وفعلا مني ، ثم إني رأيت أني أحقهم بهذا الأمر ، فوثبت عليه ، فالله أعلم أصبنا أم أخطأنا .
قرأت على أبي الفهم بن أحمد السلمي : أخبركم أبو محمد عبد الله بن أحمد الفقيه سنة سبع عشرة وست مائة ، قال : أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي ، قال : أخبرنا مالك بن أحمد سنة أربع وثمانين وأربع مائة ، قال : حدثنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل إملاء سنة ست وأربع مائة ، قال : حدثنا أبو علي أحمد بن الفضل بن خزيمة ، قال : حدثنا [ ص: 241 ] عبد الله بن روح ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا أبو بكر الهذلي ، عن الحسن ، قال : لما قدم علي رضي الله عنه البصرة قام إليه ابن الكواء ، وقيس بن عباد ، فقالا له : ألا تخبرنا عن مسيرك هذا الذي سرت فيه ، تتولى على الأمة ، تضرب بعضهم ببعض ، أعهد من رسول الله عهده إليك ، فحدثنا فأنت الموثوق المأمون على ما سمعت ، فقال : أما أن يكون عندي عهد من النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فلا ، والله إن كنت أول من صدق به ، فلا أكون أول من كذب عليه ، ولو كان عندي من النبي صلى الله عليه وسلم عهد في ذلك ، ما تركت أخا بني تيم بن مرة ، يقومان على منبره ، ولقاتلتهما بيدي ، ولو لم أجد إلا بردي هذا ، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقتل قتلا ، ولم يمت فجأة ، مكث في مرضه أياما وليالي ، يأتيه المؤذن فيؤذنه بالصلاة ، فيأمر وعمر بن الخطاب أبا بكر فيصلي بالناس ، وهو يرى مكاني ، ثم يأتيه المؤذن فيؤذنه بالصلاة ، فيأمر أبا بكر فيصلي بالناس ، وهو يرى مكاني ، ولقد أرادت امرأة من نسائه أن تصرفه عن أبي بكر فأبى وغضب ، وقال : " أنتن صواحب يوسف ، مروا أبا بكر يصلى بالناس " .
فلما قبض الله نبيه ، نظرنا في أمورنا ، فاخترنا لدنيانا من رضيه نبي الله لديننا ، وكانت الصلاة أصل الإسلام ، وهي عظم الأمر ، وقوام الدين . فبايعنا أبا بكر ، وكان لذلك أهلا ، لم يختلف عليه منا اثنان ، ولم يشهد بعضنا على بعض ، ولم نقطع منه البراءة ، فأديت إلى أبي بكر حقه ، وعرفت له طاعته ، وغزوت معه في جنوده ، وكنت آخذ إذا أعطاني ، وأغزو إذا أغزاني ، وأضرب بين يديه بسوطي ، فلما قبض ولاها عمر ، فأخذ بسنة صاحبه ، وما يعرف من أمره ، فبايعنا عمر ، ولم [ ص: 242 ] يختلف عليه منا اثنان ، ولم يشهد بعضنا على بعض ، ولم نقطع منه البراءة . فأديت إلى عمر حقه ، وعرفت طاعته ، وغزوت معه في جيوشه ، وكنت آخذ إذا أعطاني ، وأغزو إذا أغزاني ، وأضرب بين يديه الحدود بسوطي .
فلما قبض تذكرت في نفسي قرابتي وسابقتي وسالفتي وفضلي ، وأنا أظن أن لا يعدل بي ، ولكن خشي أن لا يعمل الخليفة بعده ذنبا إلا لحقه في قبره ، فأخرج منها نفسه وولده ، ولو كان محاباة منه لآثر بها ولده ، فبرئ منها إلى رهط من قريش ستة ، أنا أحدهم .
فلما اجتمع الرهط تذكرت في نفسي قرابتي وسابقتي وفضلي ، وأنا أظن أن لا يعدلوا بي ، فأخذ عبد الرحمن مواثيقنا على أن نسمع ونطيع لمن ولاه الله أمرنا ، ثم أخذ بيد ابن عفان فضرب بيده على يده ، فنظرت في أمري ، فإذا طاعتي قد سبقت بيعتي ، وإذا ميثاقي قد أخذ لغيري ، فبايعنا عثمان ، فأديت له حقه ، وعرفت له طاعته ، وغزوت معه في جيوشه ، وكنت آخذ إذا أعطاني ، وأغزو إذا أغزاني ، وأضرب بين يديه الحدود بسوطي .
فلما أصيب نظرت في أمري ، فإذا الخليفتان اللذان أخذاها بعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهما بالصلاة قد مضيا ، وهذا الذي قد أخذ له الميثاق قد أصيب ، فبايعني أهل الحرمين ، وأهل هذين المصرين .
روى إسحاق بن راهويه نحوه ، عن ، قال : حدثنا عبدة بن سليمان أبو العلاء سالم المرادي ، سمعت الحسن ، روى نحوه وزاد في [ ص: 243 ] آخره : فوثب فيها من ليس مثلي ، ولا قرابته كقرابتي ، ولا علمه كعلمي ، ولا سابقته كسابقتي ، وكنت أحق بها منه .
قالا : فأخبرنا عن قتالك هذين الرجلين - يعنيان : طلحة والزبير - قال : بايعاني بالمدينة ، وخلعاني بالبصرة ، ولو أن رجلا ممن بايع أبا بكر وعمر خلعه لقاتلناه .
وروى نحوه الجريري ، عن . أبي نضرة
وقال أبو عتاب الدلال : حدثنا مختار بن نافع التيمي ، قال : حدثنا أبو حيان التيمي ، عن أبيه ، عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أبا بكر ، زوجني ابنته ، وحملني إلى دار الهجرة ، وأعتق بلالا . رحم الله عمر ، يقول الحق وإن كان مرا ، تركه الحق وما له من صديق . رحم الله عثمان تستحييه الملائكة . رحم الله عليا ، اللهم أدر الحق معه حيث دار " . رحم الله
وقال إسماعيل بن رجاء ، عن أبيه ، عن أبي سعيد ، سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " أبو بكر : أنا هو ؟ قال : " لا " قال عمر : أنا هو ؟ قال : " لا ، ولكنه خاصف النعل " وكان أعطى عليا نعله يخصفها . إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله " فقال
قلت : فقاتل الخوارج الذين أولوا القرآن برأيهم وجهلهم .
وقال خارجة بن مصعب ، عن سلام بن أبي القاسم ، عن عثمان بن [ ص: 244 ] أبي عثمان ، قال : جاء أناس إلى علي ، فقالوا : أنت هو ، قال : من أنا ؟ قالوا : أنت هو ، قال : ويلكم من أنا ؟ قالوا : أنت ربنا ، قال : ارجعوا فأبوا ، فضرب أعناقهم ، ثم خد لهم في الأرض ، ثم قال : يا قنبر ائتني بحزم الحطب ، فحرقهم بالنار ، وقال :
لما رأيت الأمر أمرا منكرا أوقدت ناري ودعوت قنبرا
وقال أبو حيان التيمي : حدثني مجمع ، أن عليا رضي الله عنه كان يكنس بيت المال ثم يصلي فيه ، رجاء أن يشهد له أنه لم يحبس فيه المال عن المسلمين .وقال أبو عمرو بن العلاء ، عن أبيه ، قال : خطب علي رضي الله عنه فقال : أيها الناس ، والله الذي لا إله إلا هو ، ما رزأت من مالكم قليلا ولا كثيرا ، إلا هذه القارورة ، وأخرج قارورة فيها طيب ، ثم قال : أهداها إلي دهقان .
وقال ابن لهيعة : حدثنا عبد الله بن هبيرة ، عن عبد الله بن زرير الغافقي ، قال : دخلت على علي يوم الأضحى فقرب إلينا خزيرة ، فقلت : لو قربت إلينا من هذا الوز ، فإن الله قد أكثر الخير . قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : . لا يحل للخليفة من مال الله إلا قصعتان ، قصعة يأكلها هو وأهله ، وقصعة يضعها بين يدي الناس
وقال : إذا جاءك عن سفيان الثوري علي شيء فخذ به ، ما بنى لبنة على لبنة ، ولا قصبة على قصبة ، ولقد كان يجاء بجيوبه في جراب .
[ ص: 245 ] وقال عباد بن العوام ، عن هارون بن عنترة ، عن أبيه ، قال : دخلت على علي بالخورنق ، وعليه سمل قطيفة ، فقلت : يا أمير المؤمنين إن الله قد جعل لك ولأهل بيتك في هذا المال نصيبا ، وأنت تفعل هذا بنفسك ، فقال : إني والله ما أرزؤكم شيئا ، وما هي إلا قطيفتي التي أخرجتها من بيتي .
وعن علي أنه اشترى قميصا بأربعة دراهم فلبسه ، وقطع ما فضل عن أصابعه من الكم .
وعن جرموز ، قال : رأيت عليا وهو يخرج من القصر ، وعليه إزار إلى نصف الساق ، ورداء مشمر ، ومعه درة له يمشي بها في الأسواق ، ويأمرهم بتقوى الله وحسن البيع ، ويقول : أوفوا الكيل والميزان ، ولا تنفخوا اللحم .
وقال : تذاكروا الزهاد عند الحسن بن صالح بن حي عمر بن عبد العزيز رحمه الله ، فقال : علي بن أبي طالب . أزهد الناس في الدنيا
وعن رجل أنه رأى عليا قد ركب حمارا ودلى رجليه إلى موضع واحد ، ثم قال : أنا الذي أهنت الدنيا .
وقال هشيم ، عن إسماعيل بن سالم ، عن عمار الحضرمي ، عن أبي عمر زاذان ، أن رجلا حدث عليا بحديث ، فقال : ما أراك إلا قد كذبتني . قال : لم أفعل . قال : إن كنت كذبت أدعو عليك . قال : ادع . فدعا ، فما برح حتى عمي .
وقال عطاء بن السائب ، عن أبي البختري ، عن علي ، قال : وأبردها [ ص: 246 ] على الكبد إذا سئلت عما لا أعلم أن أقول : الله أعلم .
وقال خيثمة بن عبد الرحمن : علي : من أراد أن ينصف الناس من نفسه فليحب لهم ما يحب لنفسه . قال
وقال عمرو بن مرة ، عن أبي البختري ، قال : جاء رجل إلى علي فأثنى عليه ، وكان قد بلغه عنه أمر ، فقال : إني لست كما تقول ، وأنا فوق ما في نفسك .
وقال محمد بن بشر الأسدي ؛ وهو صدوق : حدثنا موسى بن مطير - وهو واه - عن أبيه ، عن صعصعة بن صوحان ، قال : لما ضرب علي أتيناه ، فقلنا : استخلف ، قال : إن يرد الله بكم خيرا استعمل عليكم خيركم ، كما أراد بنا خيرا واستعمل علينا أبا بكر .
وروى الحسن بن عمارة ، عن الحكم ، عن أبي وائل ، قال : قيل لعلي : ألا توصي ؟ قال : ما أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأوصي ، ولكن إن يرد الله بالناس خيرا سيجمعهم على خيرهم ، كما جمعهم بعد نبيهم على خيرهم .
وروي بإسناد آخر ، عن الشعبي ، عن أبي وائل .
وروى عبد الملك بن سلع الهمداني ، عن عبد خير ، عن علي ، قال : استخلف أبو بكر ، فعمل بعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته . . . الحديث .