أبو بكر الصديق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم
اسمه عبد الله - ويقال عتيق بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي التيمي رضي الله عنه
روى عنه خلق من الصحابة وقدماء التابعين ، من آخرهم : أنس بن مالك ، وطارق بن شهاب ، ، وقيس بن أبي حازم . ومرة الطيب
قال وغيره ، إنما كان ابن أبي مليكة عتيق لقبا له .
وعن عائشة ، قالت : اسمه الذي سماه أهله به " عبد الله " ولكن غلب عليه " عتيق " .
وقال ابن معين : لقبه عتيق ؛ لأن وجهه كان جميلا ، وكذا قال الليث بن سعد .
وقال غيره : كان قريش بأنسابها . أعلم
وقيل : كان أبيض ، نحيفا ، خفيف العارضين ، معروق الوجه ، غائر العينين ، ناتئ الجبهة ، يخضب شيبه بالحناء والكتم .
وكان . أول من آمن من الرجال
وقال ابن الأعرابي : العرب تقول للشيء قد بلغ النهاية في الجودة : عتيق .
[ ص: 8 ] وعن عائشة ، قالت : ما أسلم أبو أحد من المهاجرين إلا أبو بكر .
وعن الزهري ، قال : كان أبو بكر أبيض أصفر لطيفا جعدا مسترق الوركين ، لا يثبت إزاره على وركيه .
وجاء أنه اتجر إلى بصرى غير مرة ، وأنه أنفق أمواله على النبي صلى الله عليه وسلم وفي سبيل الله ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أبي بكر " ما نفعني مال ما نفعني مال . "
وقال عروة بن الزبير : أسلم أبو بكر يوم أسلم وله أربعون ألف دينار .
عمرو بن العاص : يا رسول الله ، أي الرجال أحب إليك ؟ قال : " أبو بكر " . وقال
وقال أبو سفيان ، عن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أبا بكر وعمر مؤمن ، ولا يحبهما منافق " لا يبغض .
وقال الشعبي ، عن الحارث ، عن علي ، أبي [ ص: 9 ] بكر وعمر ، فقال : " هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين ، إلا النبيين والمرسلين ، ولا تخبرهما يا علي " وروي نحوه من وجوه مقاربة عن أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى زر بن حبيش ، وعن عاصم بن ضمرة ، وهرم ، عن علي . وقال طلحة بن عمرو ، عن عطاء ، عن ابن عباس مثله .
وقال محمد بن كثير ، عن الأوزاعي ، عن قتادة ، عن أنس مثله . أخرجه الترمذي قال : حديث حسن غريب . ثم رواه من حديث الموقري ، عن الزهري ، ولم يصح .
قال ابن مسعود : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أبا بكر خليلا " لو كنت متخذا خليلا لاتخذت . "
روى مثله ابن عباس ، فزاد : أبي بكر " . " ولكن أخي وصاحبي في الله ، سدوا كل خوجة الخوخة : باب صغير كالنافذة . في المسجد غير خوخة
، عن أبيه ، عن هشام بن عروة عائشة ، عن عمر أنه قال : أبو بكر سيدنا وخيرنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صححه الترمذي . [ ص: 10 ] وصحح من حديث الجريري ، عن عبد الله بن شقيق ، قال : قلت أي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كان أحب إلى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : لعائشة أبو بكر ، قلت : ثم من ؟ قالت : عمر ، قلت : ثم من ؟ قالت : أبو عبيدة ، قلت : ثم من ؟ فسكتت .
مالك في " الموطأ " عن أبي النضر ، عن عبيد بن حنين ، عن أبي سعيد الخدري أبو بكر : فديناك يا رسول الله بآبائنا وأمهاتنا ، قال : فعجبنا ، فقال الناس : انظروا إلى هذا الشيخ يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خيره الله ، وهو يقول : فديناك بآبائنا وأمهاتنا ، قال : فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير ، وكان أبو بكر أعلمنا به ، فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم : " إن أبو بكر ، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت من أمن الناس علي في صحبته وماله أبا بكر خليلا ، ولكن أخوة الإسلام ، لا تبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر " متفق على صحته . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر ، فقال : " إن عبدا خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده فاختار ما عنده " فقال
وقال أبو عوانة ، عن ، عن عبد الملك بن عمير ابن أبي المعلى ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه ، والأول أصح . [ ص: 11 ] وعن ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أبي هريرة أبا بكر ، فإن له عندنا يدا يكافئه الله بها يوم القيامة ، وما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر ، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ، ألا وإن صاحبكم خليل الله " قال ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافأناه ما خلا الترمذي : حديث حسن غريب .
وكذا قال في حديث كثير النواء ، عن جميع بن عمير ، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر : " " . أنت صاحبي على الحوض ، وصاحبي في الغار
وروى عن القاسم ، عن عائشة ، قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أبو بكر أن يؤمهم غيره لا ينبغي لقوم فيهم " تفرد به عيسى بن ميمون ، عن القاسم ، وهو متروك الحديث .
وقال محمد بن جبير بن مطعم : أبا بكر " متفق على صحته . أخبرني أبي أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمته في شيء فأمرها بأمر ، فقالت : أرأيت يا رسول الله إن لم أجدك ؟ قال : " إن لم تجديني فأتي
وقال أبو بكر الهذلي ، عن الحسن ، عن علي ، قال : لقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن يصلي بالناس ، وإني لشاهد وما بي مرض ، فرضينا [ ص: 12 ] لدنيانا من رضي به النبي صلى الله عليه وسلم لديننا .
وقال صالح بن كيسان ، عن الزهري ، عن عروة ، عائشة ، قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه : " ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب كتابا ، فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل ، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر " . هذا حديث صحيح . عن
وقال : حدثنا نافع بن عمر ، ابن أبي مليكة عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه : " ادعوا لي أبا بكر وابنه فليكتب ، لكيلا يطمع في أمر أبي بكر طامع ولا يتمنى متمن " ثم قال : " يأبى الله ذلك والمسلمون " تابعه غير واحد ، منهم عن عبد العزيز بن رفيع ، عن ، ولفظه : " ابن أبي مليكة معاذ الله أن يختلف المؤمنون في أبي بكر " .
وقال زائدة ، عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله ، قال : الأنصار : منا أمير ومنكم أمير ، فأتاهم عمر فقال : ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر أبا بكر فأم الناس ، فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر ؟ فقالوا : نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر ، رضي الله عنه . لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت
وأخرج من حديث البخاري ، قال : سمعت أبي إدريس الخولاني أبا الدرداء يقول : أبي بكر وعمر محاورة ، فأغضب أبو بكر عمر ، فانصرف عنه عمر مغضبا ، فاتبعه أبو بكر يسأله أن يستغفر له ، فلم يفعل حتى أغلق بابه في وجهه ، فأقبل أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو الدرداء : ونحن عنده ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أما صاحبكم هذا [ ص: 13 ] فقد غامر " . قال : وندم عمر على ما كان منه ، فأقبل حتى سلم وجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقص على رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر ، قال أبو الدرداء : وغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل أبو بكر يقول : والله يا رسول الله لأنا كنت أظلم . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " هل أنتم تاركو لي صاحبي ؟ إني قلت : يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا ، فقلتم : كذبت ، وقال أبو بكر : صدقت " . كان بين
وأخرج أبو داود من حديث عبد السلام بن حرب ، عن أبي خالد الدالاني ، قال : حدثني أبو خالد مولى جعدة ، عن ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أبي هريرة جبريل فأخذ بيدي ، فأراني الباب الذي تدخل منه أمتي الجنة " فقال أبو بكر : وددت أني كنت معك حتى أنظر إليه ، قال : " أما إنك أول من يدخل الجنة من أمتي " أتاني أبو خالد مولى جعدة لا يعرف إلا بهذا الحديث .
وقال إسماعيل بن سميع ، عن مسلم البطين ، عن أبي البختري ، قال : عمر لأبي عبيدة : ابسط يدك حتى أبايعك ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " أنت " ، فقال : ما كنت لأتقدم بين يدي رجل أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤمنا ، فأمنا حتى مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمين هذه الأمة . قال
وقال أبو بكر بن عياش : أبو بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن ؛ لأن في القرآن في المهاجرين : أولئك هم الصادقون [ الحجرات ] فمن سماه الله صادقا لم يكذب ، هم سموه ، وقالوا : يا خليفة رسول الله .
وقال ، عن إبراهيم بن طهمان خالد الحذاء ، عن حميد بن هلال ، [ ص: 14 ] قال : لما أبو بكر أصبح وعلى ساعده أبراد ، فقال بويع عمر : ما هذا ؟ قال : يعني لي عيال ، فقال : انطلق يفرض لك أبو عبيدة . فانطلقنا إلى أبي عبيدة ، فقال : أفرض لك قوت رجل من المهاجرين وكسوته ، ولك ظهرك إلى البيت .
وقالت عائشة : أبو بكر ألقى كل دينار ودرهم عنده في بيت المال ، وقال : قد كنت أتجر فيه وألتمس به ، فلما وليتهم شغلوني . وقال لما استخلف عطاء بن السائب : لما استخلف أبو بكر أصبح وعلى رقبته أثواب يتجر فيها ، فلقيه عمر وأبو عبيدة فكلماه ، فقال : فمن أين أطعم عيالي ؟ قالا : انطلق حتى نفرض لك . قال : ففرضوا له كل يوم شطر شاة ، وماكسوه في الرأس والبطن . وقال عمر : إلي القضاء ، وقال أبو عبيدة : إلي الفيء . فقال عمر : لقد كان يأتي علي الشهر ما يختصم إلي فيه اثنان .
وعن ، قال : جعلوا له ألفين وخمسمائة . ميمون بن مهران
وقال : محمد بن سيرين أبو بكر أعبر هذه الأمة لرؤيا بعد النبي ، صلى الله عليه وسلم . كان
وقال الزبير بن بكار ، عن بعض أشياخه ، قال : خطباء الصحابة : أبو بكر ، وعلي .
وقال عنبسة بن عبد الواحد : حدثني يونس ، عن ابن شهاب ، عن [ ص: 15 ] عروة ، عن عائشة أنها كانت تدعو على من زعم أن أبا بكر قال هذه الأبيات ، وقالت : والله ما قال أبو بكر شعرا في جاهلية ولا في إسلام ، ولقد ترك هو وعثمان شرب الخمر في الجاهلية .
وقال كثير النواء ، عن : إن هذه الآية نزلت في أبي جعفر الباقر أبي بكر وعمر وعلي : ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا [ الحجر ] الآية .
وقال حصين ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن عمر صعد المنبر ، ثم قال : ألا إن أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ، فمن قال غير ذلك بعد مقامي هذا فهو مفتر ، عليه ما على المفتري .
وقال أبو معاوية وجماعة : حدثنا سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن ابن عمر ، قال : كنا نقول على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب أبو بكر ، وعمر ، وعثمان استوى الناس ، فيبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينكره .
وقال علي ، رضي الله عنه : أبو بكر ، وعمر . هذا والله العظيم قاله خير هذه الأمة بعد نبيها علي ، وهو متواتر عنه ؛ لأنه قاله على منبر الكوفة ، فلعن الله الرافضة ما أجهلهم .
وقال ، عن السدي عبد خير ، عن علي ، قال : أعظم الناس أجرا في المصاحف أبو بكر ، كان أول من جمع القرآن بين اللوحين . إسناده حسن .
وقال عقيل ، عن الزهري أن أبا بكر والحارث بن كلدة كانا يأكلان خزيرة أهديت لأبي بكر ، فقال الحارث : ارفع يدك يا خليفة رسول الله ، والله إن فيها لسم سنة ، وأنا وأنت نموت في يوم واحد ، قال : فلم [ ص: 16 ] يزالا عليلين حتى ماتا في يوم واحد عند انقضاء السنة .
وعن عائشة ، قالت : أول ما بدئ أبي بكر أنه اغتسل ، وكان يوما باردا فحم خمسة عشر يوما لا يخرج إلى صلاة ، وكان يأمر مرض عمر بالصلاة ، وكانوا يعودونه ، وكان عثمان ألزمهم له في مرضه . وتوفي مساء ليلة الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة . وكانت خلافته سنتين ومائة يوم .
وقال أبو معشر : سنتين وأربعة أشهر إلا أربع ليال ، عن ثلاث وستين سنة .
وقال الواقدي : أخبرني ابن أبي سبرة ، عن عبد المجيد بن سهيل ، عن أبي سلمة . قال : وأخبرنا بردان بن أبي النضر ، عن . وأخبرنا محمد بن إبراهيم التيمي عمرو بن عبد الله ، عن أبي النضر ، عن عبد الله النخعي ، دخل حديث بعضهم في بعض : أن أبا بكر لما ثقل دعا عبد الرحمن بن عوف ، فقال : أخبرني عن عمر ، فقال : ما تسألني عن أمر إلا وأنت أعلم به مني ، قال : وإن ، فقال : هو والله أفضل من رأيك فيه . ثم دعا عثمان فسأله عن عمر ، فقال : علمي فيه أن سريرته خير من علانيته ، وأنه ليس فينا مثله . فقال : يرحمك الله ، والله لو تركته ما عدوتك ، وشاور معهما سعيد بن زيد ، وغيرهما ، فقال قائل : ما تقول لربك إذا سألك عن استخلافك وأسيد بن الحضير عمر وقد ترى غلظته ؟ فقال : أجلسوني ، أبالله تخوفوني ؟ أقول : استخلفت عليهم خير أهلك .
ثم دعا عثمان ، فقال : اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة في آخر عهده بالدنيا خارجا منها ، وعند أول [ ص: 17 ] عهده بالآخرة داخلا فيها ، حيث يؤمن الكافر ، ويوقن الفاجر ، ويصدق الكاذب ، إني استخلفت عليكم بعدي فاسمعوا له وأطيعوا ، وإني لم آل الله ورسوله ودينه ونفسي وإياكم خيرا ، فإن عدل فذلك ظني به وعلمي فيه ، وإن بدل فلكل امرئ ما اكتسب ، والخير أردت ولا أعلم الغيب وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون [ الشعراء ] عمر بن الخطاب
وقال بعضهم في الحديث : لما أن كتب عثمان الكتاب أغمي على أبي بكر ، فكتب عثمان من عنده اسم عمر ، فلما أفاق أبو بكر قال : اقرأ ما كتبت ، فقرأ ، فلما ذكر عمر كبر أبو بكر ، وقال : أراك خفت إن افتلتت نفسي الاختلاف ، فجزاك الله عن الإسلام خيرا ، والله إن كنت لها أهلا .
وقال علوان بن داود البجلي ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن صالح بن كيسان ، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبيه . وقد رواه الليث بن سعد ، عن علوان ، عن صالح نفسه ، قال : دخلت على أبي بكر أعوده في مرضه فسلمت عليه وسألته : كيف أصبحت ؟ فقال : بحمد الله بارئا ، أما إني على ما ترى وجع ، وجعلتم لي شغلا مع وجعي ، جعلت لكم عهدا بعدي ، واخترت لكم خيركم في نفسي ، فكلكم ورم لذلك أنفه رجاء أن يكون الأمر له .
ثم قال : أما إني لا آسى على شيء إلا على ثلاث فعلتهن ، وثلاث لم أفعلهن ، وثلاث وددت أني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهن : وددت أني لم أكن كشفت بيت فاطمة وتركته وإن أغلق على الخرب ، وددت [ ص: 18 ] أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق عمر أو أبي عبيدة ، ووددت أني كنت وجهت خالد بن الوليد إلى أهل الردة وأقمت بذي القصة ، فإن ظفر المسلمون وإلا كنت لهم مددا وردءا ، ووددت أني يوم أتيت بالأشعث أسيرا ضربت عنقه ، فإنه يخيل إلي أنه لا يكون شر إلا طار إليه ، ووددت أني يوم أتيت بالفجاءة السلمي لم أكن حرقته وقتلته أو أطلقته ، ووددت أني حيث وجهت خالد بن الوليد إلى الشام وجهت إلى عمر بن الخطاب العراق ، فأكون قد بسطت يميني وشمالي في سبيل الله . ووددت أني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم في من هذا الأمر ولا ينازعه أهله ، وأني سألته هل للأنصار في هذا الأمر شيء ؟ وأني كنت سألته عن العمة وبنت الأخ ، فإن في نفسي منها حاجة . رواه هكذا ، وأطول من هذا ابن وهب ، عن الليث بن سعد ، عن صالح بن كيسان ، أخرجه كذلك ابن عائذ .
وقال محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص ، عن أبيه ، عن جده ، أن عائشة قالت : حضرت أبي وهو يموت فأخذته غشية فتمثلت :
من لا يزال دمعه مقنعا فإنه لا بد مرة مدفوق
فرفع رأسه وقال : يا بنية ليس كذلك ، ولكن كما قال الله تعالى : وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ( ق ) وقال موسى الجهني ، عن أبي بكر بن حفص بن عمر أن عائشة تمثلت لما احتضر أبو بكر :لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر
وقال القاسم ، عن عائشة أن أبا بكر حين حضره الموت قال : إني لا أعلم عند آل أبي بكر غير هذه اللقحة وغير هذا الغلام الصيقل ، كان يعمل سيوف المسلمين ويخدمنا ، فإذا مت فادفعيه إلى عمر ، فلما دفعته إلى عمر قال : رحم الله أبا بكر لقد أتعب من بعده .
وقال الزهري : أبو بكر أن تغسله امرأته أسماء بنت عميس ، فإن لم تستطع استعانت بابنه أوصى عبد الرحمن .
وقال عبد الواحد بن أيمن وغيره ، عن ، قال : دخل أبي جعفر الباقر علي على أبي بكر بعدما سجي ، فقال : ما أحد ألقى الله بصحيفته أحب إلي من هذا المسجى .
وعن القاسم ، قال : أوصى أبو بكر أن يدفن إلى جنب رسول الله فحفر له ، وجعل رأسه عند كتفي رسول الله ، صلى الله عليه وسلم .
وعن ، قال : رأس عامر بن عبد الله بن الزبير أبي بكر عند كتفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأس عمر عند حقوي أبي بكر .
وقالت عائشة : مات ليلة الثلاثاء ، ودفن قبل أن يصبح .
وعن مجاهد ، قال : كلم أبو قحافة في ميراثه من ابنه ، فقال : قد رددت ذلك على ولده ، ثم لم يعش بعده إلا ستة أشهر وأياما .
وجاء أنه ورثه أبوه وزوجتاه ، أسماء بنت عميس وحبيبة بنت [ ص: 20 ] خارجة والدة أم كلثوم ، وعبد الرحمن ، ومحمد ، ، وعائشة وأسماء ، وأم كلثوم .
ويقال : إن اليهود سمته في أرزة فمات بعد سنة ، وله ثلاث وستون سنة ، رضي الله عنه وأرضاه .