[ ص: 169 ] فصل فيما روي من معرفة أهل الكتاب بيوم وفاته ، عليه الصلاة والسلام
قال أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن عن قيس بن أبي حازم ، قال : كنت باليمن ، فلقيت رجلين من أهل جرير بن عبد الله البجلي اليمن ; ذا كلاع وذا عمرو ، فجعلت أحدثهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : فقالا لي : إن كان ما تقول حقا فقد مضى صاحبك على أجله منذ ثلاث . قال : فأقبلت وأقبلا معي حتى إذا كنا في بعض الطريق رفع لنا ركب من قبل المدينة ، فسألناهم فقالوا : قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستخلف أبو بكر ، والناس صالحون . قال : فقالا لي : أخبر صاحبك أنا قد جئنا ، ولعلنا سنعود ، إن شاء الله ، عز وجل . قال : ورجعا إلى اليمن ، فلما أتيت أخبرت أبا بكر بحديثهم ، قال : أفلا جئت بهم . فلما كان بعد قال : لي ذو عمرو : يا جرير ، إن بك علي كرامة ، وإني مخبرك خبرا ، إنكم ، معشر العرب ، لن تزالوا بخير ما كنتم إذا هلك أمير تأمرتم في آخر ، وإذا كانت [ ص: 170 ] بالسيف كنتم ملوكا تغضبون غضب الملوك ، وترضون رضا الملوك . هكذا رواه الإمام أحمد عن والبخاري ، أبي بكر بن أبي شيبة . وهكذا رواه عن البيهقي ، عن الحاكم عبد الله بن جعفر ، عن يعقوب بن سفيان عنه .
وقال : أنبأنا البيهقي أنبأنا الحاكم ، علي بن المؤمل ثنا محمد بن يونس ثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي ، ثنا زائدة ، عن عن زياد بن علاقة ، جرير قال : لقيني حبر باليمن ، وقال لي : إن كان صاحبكم نبيا فقد مات يوم الاثنين . هكذا رواه . البيهقي
وقد قال الإمام أحمد : حدثنا أبو سعيد ، ثنا زائدة ، ثنا عن زياد بن علاقة ، جرير قال : قال لي حبر باليمن : إن كان صاحبكم نبيا فقد مات اليوم . قال جرير فمات يوم الاثنين صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 171 ] وقال : أنبأنا البيهقي ببغداد ، أنبأنا أبو الحسين بن بشران المعدل أبو جعفر محمد بن عمرو ، ثنا محمد بن الهيثم ، ثنا حدثني سعيد بن كثير بن عفير ، عبد الحميد بن كعب بن علقمة بن كعب بن عدي التنوخي ، عن عمرو بن الحارث ، عن ناعم بن أجيل ، عن كعب بن عدي قال : أقبلت في وفد من أهل الحيرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فعرض علينا الإسلام فأسلمنا ، ثم انصرفنا إلى الحيرة فلم نلبث أن جاءتنا وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، فارتاب أصحابي ، وقالوا : لو كان نبيا لم يمت . فقلت : قد مات الأنبياء قبله . وثبت على إسلامي ، ثم خرجت أريد المدينة فمررت براهب كنا لا نقطع أمرا دونه ، فقلت له : أخبرني عن أمر أردته لقح في صدري منه شيء . فقال : ائت باسم من الأسماء . فأتيته بكعب ، فقال : ألقه في هذا السفر . لسفر أخرجه ، فألقيت الكعب فيه فصفح فيه ، فإذا بصفة النبي صلى الله عليه وسلم كما رأيته ، وإذا هو يموت في الحين الذي مات فيه ، قال : فاشتدت بصيرتي في إيماني ، وقدمت على أبي بكر رضي الله عنه ، فأعلمته وأقمت عنده فوجهني إلى المقوقس فرجعت ، ووجهني أيضا عمر بن الخطاب فقدمت عليه بكتابه ، فأتيته وقعة اليرموك ولم أعلم بها ، فقال [ ص: 172 ] لي : أعلمت أن الروم قتلت العرب وهزمتهم ؟ فقلت : كلا . قال : ولم ؟ قلت : إن الله وعد نبيه صلى الله عليه وسلم أن يظهره على الدين كله ، وليس بمخلف الميعاد . قال فإن نبيكم قد صدقكم ; قتلت الروم والله قتل عاد . قال : ثم سألني عن وجوه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته ، فأهدى إلى عمر وإليهم . وكان ممن أهدى إليه علي وعبد الرحمن والزبير . وأحسبه ذكر العباس ، قال كعب : وكنت شريكا لعمر في البز في الجاهلية ، فلما أن فرض الديوان فرض لي في بني عدي بن كعب . وهذا أثر غريب ، وفيه نبأ عجيب وهو صحيح .