[ ص: 163 ]
تبوك بمساكن ثمود وصرحتهم ذكر مروره صلى الله عليه وسلم في ذهابه إلى بالحجر .
قال ابن إسحاق : وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مر بالحجر نزلها واستقى الناس من بئرها ، فلما راحوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تشربوا من مياهها شيئا ، ولا تتوضئوا منه للصلاة ، وما كان من عجين عجنتموه فأعلفوه الإبل ، ولا تأكلوا منه شيئا هكذا ذكره ابن إسحاق بغير إسناد .
وقال : حدثنا الإمام أحمد يعمر بن بشر حدثنا - أخبرنا عبد الله - هو ابن المبارك معمر عن الزهري أخبرني عن أبيه ، سالم بن عبد الله بالحجر قال : " ، أن يصيبكم ما أصابهم " لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين . وتقنع بردائه وهو على الرحل . ورواه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما مر من حديث البخاري عبد الله بن المبارك وعبد الرزاق كلاهما عن معمر بإسناده نحوه .
وقال مالك عن عن عبد الله بن دينار ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه : ورواه " لا تدخلوا على هؤلاء القوم المعذبين إلا أن تكونوا باكين ، فإن لم تكونوا باكين [ ص: 164 ] فلا تدخلوا عليهم ، أن يصيبكم مثل ما أصابهم " . من حديث البخاري مالك ومن حديث كلاهما عن سليمان بن بلال . ورواه عبد الله بن دينار مسلم من وجه آخر ، عن نحوه . عبد الله بن دينار
وقال : حدثنا الإمام أحمد عبد الصمد حدثنا - عن صخر - هو ابن جويرية نافع عن ابن عمر قال : تبوك الحجر عند بيوت ثمود ، فاستقى الناس من الآبار التي كانت تشرب منها ثمود ، فعجنوا ونصبوا القدور باللحم ، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهرقوا القدور ، وعلفوا العجين الإبل ، ثم ارتحل بهم حتى نزل بهم على البئر التي كانت تشرب منها الناقة ، ونهاهم أن يدخلوا على القوم الذين عذبوا فقال : إني أخشى أن يصيبكم مثل ما أصابهم فلا تدخلوا عليهم " وهذا الحديث إسناده على شرط " الصحيحين " من هذا الوجه ، ولم يخرجوه ، وإنما أخرجه " نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس عام البخاري ومسلم من حديث أنس بن عياض أبي ضمرة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر به . قال : وتابعه البخاري أسامة عن نافع . ورواه مسلم من حديث شعيب بن إسحاق عن عبيد الله عن نافع به .
[ ص: 165 ] وقال : حدثنا الإمام أحمد عبد الرزاق حدثنا معمر عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن عن أبي الزبير جابر قال : لما مر النبي صلى الله عليه وسلم بالحجر قال : قوم صالح فكانت ترد من هذا الفج ، وتصدر من هذا الفج ، فعتوا عن أمر ربهم فعقروها ، وكانت تشرب ماءهم يوما ويشربون لبنها يوما ، فعقروها ، فأخذتهم صيحة ، أهمد الله من تحت أديم السماء منهم ، إلا رجلا واحدا كان في حرم الله " قيل : من هو يا رسول الله ؟ قال : " هو أبو رغال فلما خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه " إسناده صحيح ، ولم يخرجوه . " لا تسألوا الآيات ، فقد سألها
وقال : حدثنا الإمام أحمد أخبرنا يزيد بن هارون المسعودي عن إسماعيل بن أوسط عن محمد بن أبي كبشة الأنماري عن أبيه قال : تبوك تسارع الناس إلى أهل الحجر يدخلون عليهم ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنودي في الناس : الصلاة جامعة . قال : فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ممسك بعيره وهو يقول : " ما تدخلون على قوم غضب الله عليهم ؟ " فناداه رجل منهم : نعجب منهم يا رسول الله . قال : " أفلا أنبئكم بأعجب من ذلك ؟ رجل من أنفسكم ينبئكم بما كان قبلكم وما هو كائن بعدكم ، فاستقيموا وسددوا ، فإن الله لا يعبأ بعذابكم شيئا ، وسيأتي قوم لا يدفعون عن أنفسهم شيئا " . إسناده حسن ولم يخرجوه . لما كان في غزوة
وقال عن يونس بن بكير ابن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي بكر بن [ ص: 166 ] حزم عن العباس بن سهل بن سعد الساعدي - أو عن العباس عن سهل بن سعد الشك مني - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مر بالحجر ونزلها استقى الناس من بئرها ، فلما راحوا منها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس : " لا تشربوا من مائها شيئا ، ولا تتوضئوا منه للصلاة ، وما كان من عجين عجنتموه فأعلفوه الإبل ولا تأكلوا منه شيئا ، ولا يخرجن أحد منكم الليلة إلا ومعه صاحب له " . ففعل الناس ما أمرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا رجلين من بني ساعدة ، خرج أحدهما لحاجته ، وخرج الآخر في طلب بعير له ; فأما الذي ذهب لحاجته ، فإنه خنق على مذهبه ، وأما الذي ذهب في طلب بعيره ، فاحتملته الريح حتى ألقته بجبلي طيئ ، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقال : " ألم أنهكم أن يخرج رجل إلا ومعه صاحب له ؟ " ثم دعا للذي أصيب على مذهبه فشفي ، وأما الآخر فإنه وصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد مرجعه من تبوك - وفي رواية زياد عن ابن إسحاق أن طيئا أهدته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رجع إلى المدينة - قال ابن إسحاق : وقد حدثني عبد الله بن أبي بكر أن العباس بن سهل سمى له الرجلين ، لكنه استكتمه إياهما ، فلم يحدثني بهما .
وقد قال : حدثنا الإمام أحمد عفان حدثنا وهيب بن خالد ثنا عمرو بن يحيى عن العباس بن سهل بن سعد الساعدي عن قال : [ ص: 167 ] أبي حميد الساعدي تبوك حتى جئنا وادي القرى ، فإذا امرأة في حديقة لها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : " اخرصوا " . فخرص القوم وخرص رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة أوسق ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمرأة : " أحصي ما يخرج منها حتى أرجع إليك إن شاء الله " . قال : فخرج حتى قدم خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام تبوك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنها ستهب عليكم الليلة ريح شديدة ، فلا يقومن فيها رجل ، فمن كان له بعير فليوثق عقاله " . قال أبو حميد فعقلناها ، فلما كان من الليل ، هبت علينا ريح شديدة ، فقام فيها رجل فألقته في جبل طيئ ، ثم جاء رسول الله ملك أيلة ، فأهدى لرسول الله بغلة بيضاء ، وكساه رسول الله بردا ، وكتب له ببحرهم ، ثم أقبل وأقبلنا معه ، حتى جئنا وادي القرى ، فقال للمرأة : " كم جاءت حديقتك ؟ " قالت : عشرة أوسق ، خرص رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني متعجل ، فمن أحب منكم أن يتعجل فليفعل " . قال : فخرج رسول الله وخرجنا معه ، حتى إذا أوفى على المدينة قال : " هذه طابة " . فلما رأى أحدا قال : " هذا أحد يحبنا ونحبه ألا أخبركم بخير دور الأنصار ؟ " قلنا : بلى يا رسول الله . قال : " خير دور الأنصار بنو النجار ، ثم دار بني عبد الأشهل ثم دار بني ساعدة ثم في كل دور الأنصار خير " . وأخرجه البخاري ومسلم من غير وجه عن عمرو بن يحيى به نحوه .
[ ص: 168 ] وقال الإمام مالك رحمه الله عن عن أبي الزبير أن أبي الطفيل عامر بن واثلة معاذ بن جبل أخبره تبوك فكان يجمع بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء . قال : فأخر الصلاة يوما ، ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعا ، ثم دخل ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعا ، ثم قال : " إنكم ستأتون غدا ، إن شاء الله عين تبوك ، وإنكم لن تأتوها حتى يضحى النهار ، فمن جاءها فلا يمس من مائها شيئا حتى آتي " قال : فجئناها وقد سبق إليها رجلان ، والعين مثل الشراك تبض بشيء من ماء ، فسألهما رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هل مسستما من مائها شيئا ؟ " قالا : نعم . فسبهما وقال لهما ما شاء الله أن يقول ، ثم غرفوا بأيديهم من العين قليلا قليلا حتى اجتمع في شيء ، ثم غسل رسول الله فيه وجهه ويديه ، ثم أعاده فيها ، فجرت العين بماء كثير ، فاستقى الناس ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا معاذ يوشك إن طالت بك حياة أن ترى ما هاهنا قد ملئ جنانا " . وأخرجه أنهم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام مسلم من حديث مالك به .