[ ص: 409 ] ثم دخلت سنة تسع وثلاثين وسبعمائة
استهلت وسلطان الإسلام والمسلمين - بالديار المصرية وما والاها ، والديار الشامية وما والاها ، والحرمين الشريفين - الملك الناصر محمد ابن الملك المنصور قلاوون ، ولا نائب له ولا وزير أيضا بمصر ، وقضاة مصر; أما الشافعي فقاضي القضاة عز الدين ابن قاضي القضاة بدر الدين محمد بن إبراهيم بن جماعة ، وأما الحنفي فقاضي القضاة حسام الدين الغوري حسن بن محمد ، وأما المالكي فتقي الدين الأخنائي ، وأما الحنبلي فموفق الدين بن نجا المقدسي ، ونائب الشام الأمير سيف الدين تنكز ، وقضاته; جلال الدين القزويني الشافعي المعزول عن الديار المصرية ، والحنفي عماد الدين الطرسوسي ، والمالكي شرف الدين الهمداني ، والحنبلي علاء الدين بن المنجا التنوخي .
ومما حدث في هذه السنة إكمال الحديث السكرية ، وباشر مشيخة الحديث بها الشيخ الإمام الحافظ مؤرخ الإسلام دار محمد بن أحمد الذهبي ، وقرر فيها ثلاثون محدثا لكل منهم جراية وجامكية ، كل شهر سبعة دراهم ونصف رطل خبز ، وقرر للشيخ ثلاثون ورطل خبز ، وقرر فيها ثلاثون نفرا [ ص: 410 ] يقرءون القرآن ، لكل عشرة شيخ ، ولكل واحد من القراء نظير ما للمحدثين ، ورتب لها إمام وقارئ حديث ونواب ، ولقارئ الحديث عشرون درهما وثمان أواق خبز ، وجاءت في غاية الحسن في شكالتها وبنائها ، وهي تجاه دار الذهب التي أنشأها الواقف الأمير تنكز ، ووقف عليها عدة أماكن منها : سوق القشاشين بباب الفرج ، طوله عشرون ذراعا شرقا وغربا ، سماه في كتاب الوقف ، وبندر زبدين ، وحمام بحمص وهو الحمام القديم ، ووقف عليها حصصا في قرايا أخر ، ولكنه تغلب على ما عدا القشاشين ، وبندر زبدين ، وحمام حمص .
وفيها قدم القاضي تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي الشافعي من الديار المصرية حاكما على دمشق وأعمالها ، وفرح الناس به ، ودخل الناس يسلمون عليه; لعلمه وديانته وأمانته ، ونزل بالعادلية الكبيرة على عادة من تقدمه ، ودرس بالغزالية والأتابكية ، واستناب ابن عمه القاضي بهاء الدين أبا البقاء ، ثم استناب ابن عمه أبا الفتح . وكانت ولايته الشام بعد وفاة قاضي القضاة جلال الدين محمد بن عبد الرحمن القزويني الشافعي ، على ما سيأتي بيانه في الوفيات من هذه السنة .