[ ص: 321 ] ثم دخلت سنة ثلاثين وسبعمائة
استهلت بالأربعاء ، والحكام بالبلاد هم المذكورون بالتي قبلها ، سوى الشافعي ، فإنه توفي ، وولي مكانه في رابع المحرم منها علم الدين محمد بن أبي بكر بن عيسى بن بدران السعدي الأخنائي الشافعي ، وقدم دمشق في الرابع والعشرين منه صحبة نائب السلطنة تنكز ، وقد زار القدس ، وحضر معه تدريس التنكزية التي أنشأها ، ولما قدم دمشق نزل بالعادلية الكبيرة على العادة ، ودرس بها وبالغزالية ، واستمر بنيابة المنفلوطي ، ثم استناب زين الدين بن المرحل .
وفي صفر باشر شرف الدين محمود بن الخطير شد الأوقاف ، وانفصل عنها نجم الدين بن الزيبق إلى ولاية نابلس .
وفي يوم السبت الحادي والعشرين من صفر حكم الشيخ زين الدين محمد بن علم الدين عبد الله ابن الشيخ زين الدين عمر بن المرحل ، نيابة عن قاضي القضاة علم الدين الأخنائي بالعادلية .
[ ص: 322 ] وفي ربيع الآخر شرع بترخيم الجانب الشرقي من الأموي ليشبه الجانب الغربي ، وشاور ابن مراجل النائب والقاضي على جمع الفصوص من سائر الجامع في الحائط القبلي ، فرسما له بذلك .
وفي يوم الجمعة الحادي والعشرين من ربيع الأول أقيمت الجمعة في إيوان الشافعية بالمدرسة الصالحيةبمصر ، وكان الذي أنشأ ذلك الأمير جمال الدين نائب الكرك ، بعد أن استفتى العلماء في ذلك .
وفي ربيع الآخر تولى القضاء بحلب شمس الدين بن النقيب ، عوضا عن فخر الدين بن البارزي ، توفي ، وولي شمس الدين بن المجد البعلبكي قضاء طرابلس عوضا عن ابن النقيب .
وفي آخر جمادى الأولى باشر نيابة الحكم عن الأخنائي محيي الدين بن جهبل عوضا عن المنفلوطي ، توفي .
وفي هذا الشهر وقف الأمير الوزير علاء الدين مغلطاي الناصري مدرسة على الحنفية ، وفيها صوفية أيضا ، ودرس بها القاضي علاء الدين بن التركماني ، وسكنها الفقهاء .
وفي جمادى الآخرة زينت البلاد المصرية والشامية ، ودقت البشائر بسبب [ ص: 323 ] عافية السلطان من وقعة انصدعت منها يده ، وخلع على الأمراء والأطباء بمصر ، وأطلقت الحبوس .
وفي جمادى الآخرة قدم على السلطان رسل من الفرنج يطلبون منه بعض بلاد السواحل ، فقال لهم : لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتكم . ثم سيرهم إلى بلادهم خاسئين .
وفي يوم الأحد سادس رجب حضر الدرس الذي أنشأه القاضي فخر الدين كاتب المماليك على الحنفية بمحرابهم بجامع دمشق ، ودرس به الشيخ شهاب الدين ابن قاضي الحصن ، أخو قاضي القضاة برهان الدين بن عبد الحق بالديار المصرية ، وحضر عنده القضاة والأعيان ، وانصرفوا من عنده إلى عند ابن أخيه صلاح الدين بالجوهرية ، فدرس بها عوضا عن حميه شمس الدين ابن الزكي ، نزل له عنها .
وفي آخر رجب خطب بالجامع الذي أنشأه الأمير سيف الدين ألماس الحاجب ، ظاهر القاهرة بالشارع . وخطب بالجامع الذي أنشأه الأمير سيف الدين [ ص: 324 ] قوصون بين جامع طولون والصالحية يوم الجمعة حادي عشر رمضان ، وحضر السلطان وأعيان الأمراء ، وتولى الخطبة يومئذ قاضي القضاة جلال الدين القزويني الشافعي ، وخلع عليه خلعة سنية ، وبغلة ، واستقر في خطابته فخر الدين بن شكر .
وخرج الركب الشامي يوم السبت حادي عشر شوال ، وأميره سيف الدين الموساوي صهر بلبان البيري ، وقاضيه الشيخ شهاب الدين بن المجد عبد الله مدرس الإقبالية ، ثم تولى قضاء القضاة كما سيأتي .
وممن حج في هذه السنة; رضي الدين المنطيقي الحنفي ، والشيخ نور الدين الأردبيلي شيخ الجاروخية ، وصفي الدين بن الحريري ، وشمس الدين ابن خطيب يبرود ، والشيخ محمد النيرباني ، وغيرهم ، فلما قضوا مناسكهم رجعوا إلى مكة لطواف الوداع ، فبينما هم في وقت سماع الخطبة إذ سمعوا جلبة الخيل من بني حسن وعبيدهم ، يحطمون الناس وهم في المسجد الحرام ، فثار إلى قتالهم الأتراك ، فاقتتلوا ، فقتل أمير من الطبلخاناه بمصر ، يقال له : سيف [ ص: 325 ] الدين ألدمر أمير جندار ، وابنه خليل ، ومملوك له ، وأمير عشرة يقال له : ابن التاجي ، وجماعة من الرجال والنساء ، ونهبت أموال كثيرة ، ووقعت خبطة عظيمة في الناس ، وتهاربوا إلى منازلهم بأبيار الزاهر ، وما كادوا يصلون إليها وما أكملت الجمعة إلا بعد جهد ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، واجتمعت الأمراء كلهم على الرجعة إلى مكة ; للأخذ بالثأر منهم ، ثم كروا راجعين ، وتبعهم العبيد حتى وصلوا إلى مخيم الحجيج ، وكادوا ينهبون الناس عامة جهرة ، وصار أهل البيت في آخر الزمان يصدون الناس عن المسجد الحرام ، وبنو الأتراك هم الذين ينصرون الإسلام وأهله ، ويكفون الأذية عنهم بأنفسهم وأموالهم ، كما قال تعالى : إن أولياؤه إلا المتقون [ الأنفال : 34 ] .