[ ص: 381 ] ثم دخلت سنة ثنتين وخمسين وخمسمائة
استهلت هذه السنة ومحمد شاه بن محمود محاصر بغداد والعامة والجند من جهة الخليفة المقتفي يقاتلون أشد القتال ، والجمعة لا تقام لعذر القتال ، والفتنة كبيرة ، ثم يسر الله بذهاب السلطان ، كما تقدم ذكر ذلك في السنة التي قبلها ، وقد بسط ذلك في هذه السنة فطول . ابن الجوزي
وفيها كانت لا يعلمهم إلا الله ، وتهدم أكثر زلزلة عظيمة بالشام ، هلك بسببها خلق كثير حلب وحماة وشيزر وحمص وكفر طاب وحصن الأكراد واللاذقية والمعرة وأفامية وأنطاكية وطرابلس . قال : وأما ابن الجوزي شيزر فلم يسلم منها إلا امرأة وخادم لها ، وهلك الباقون ، وأما كفر طاب فلم يسلم منها أحد وأما أفامية فساخت قلعتها ، وتل جران انقسم نصفين ، فأبدى نواويس وبيوتا كثيرة في وسطه . قال : وهلك من مدائن الإفرنج شيء كثير ، وتهدم أسوار أكثر مدن الشام من ذلك ; حتى إن مكتبا بحماة انهدم على الصبيان فهلكوا عن آخرهم ، فلم يجئ أحد يسأل عن أحد منهم . وقد ذكر هذا الفصل الشيخ أبو شامة في كتاب " الروضتين " مستقصى ، وذكر ما قاله الشعراء في ذلك .
[ ص: 382 ] وفيها محمود بن زنكي حصن شيزر بعد حصار ، وأخذ مدينة ملك السلطان بعلبك وكان بها الضحاك البقاعي ، وقد قيل : إن ذلك كان في سنة خمسين ، كما تقدم والله أعلم . وفيها مرض نور الدين فمرض الشام بمرضه ثم عوفي ففرح المسلمون بذلك فرحا شديدا ، واستولى أخوه قطب الدين مودود على جزيرة ابن عمر .
وفيها عمل الخليفة بابا للكعبة مصفحا بالذهب ، وأخذ بابها الأول فجعله لنفسه تابوتا . وفيها الإسماعيلية على حجاج خراسان فلم يبقوا منهم على أحد لا زاهد ولا عالم . وفيها كان غلاء شديد أغارت بخراسان حتى أكلوا الحشرات ، وذبح إنسان رجلا علويا فطبخه وباعه في السوق ، فحين ظهر عليه قتل .
وذكر أبو شامة أن فتح بانياس كان في هذه السنة على يد الملك نور الدين بنفسه ، وقد كان معين الدين سلمها إلى الفرنج صلحا عن دمشق فعوضهم بها ، وقتل ملكها وغنم شيئا كثيرا ، ولله الحمد . وفيها قدم الشيخ ، فسمع عليه " أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي " في دار الوزير البخاري ببغداد . وحج بالناس قايماز .