[ ص: 555 ] ثم دخلت سنة خمس وأربعمائة
فيها صاحب الحاكم مصر النساء من الخروج من المنازل ، أو أن يطلعن من الأسطحة أو الطاقات ، ومنع الخفافين من عمل الأخفاف لهن ، ومنعهن من منع ، وقتل خلقا من النساء على مخالفته في ذلك ، وهدم بعض الحمامات عليهن ، وجهز عجائز كثيرة يطفن في البيوت ; يستعلمن أحوال النساء من منهن تعشق أو تعشق ، بأسمائهن وأسماء من يتعرض لهن ، فمن وجد منهن كذلك أطفاها ، وأكثر من الدوران في الليل في البلد في طلب ذلك ، وغرق خلقا ممن يطلع على فسقهم من الرجال والنساء ، فضاق النطاق على النساء والفساق ، ولم يتمكن أحد أن يصل إلى أحد إلا نادرا ، حتى إن امرأة نادت قاضي القضاة بالديار المصرية - وهو الخروج إلى الحمامات مالك بن سعيد الفارقي - وحلفت بحق لما وقف لها واستمع كلامها ، فوقف لها ، فبكت بكاء شديدا ، وقالت : إن لي أخا ليس لي غيره وهو في السياق ، وإني أسألك لما وصلتني إليه ; لأنظر إليه قبل الموت ، فرق لها القاضي رقة شديدة ، وأمر رجلين معه أن يكونا معها حتى يبلغاها إلى المنزل الذي تريده ، فأغلقت بابها ، وأعطت المفتاح جارتها ، وذهبت حتى وصلت مع الرجلين إلى منزل ، فطرقت ودخلت ، وقالت لهما : اذهبا راشدين . فإذا هو منزل رجل تهواه ويهواها ، فأخبرته بما احتالت به [ ص: 556 ] من الحيلة على القاضي ، فأعجبه ذلك ، وجاء زوجها من آخر النهار ، فوجد بابه مغلقا ، فسأل عن أمرها ، فذكر له ما صنعت ، فاستغاث على القاضي وذهب إليه ، وقال له : ما أريد امرأتي إلا منك ، فإنها ليس لها أخ بالكلية ، وإنما ذهبت إلى عشيقها . فخاف القاضي من معرة هذا الأمر ، فركب إلى الحاكم وبكى لديه ، فسأله عن شأنه ، فأخبره بما اتفق له من الأمر ، فأرسل الحاكم مع الرجلين اللذين سارا بها من جهة القاضي من يحضر الرجل والمرأة جميعا على أي حال كانا عليه ، فوجدهما متعانقين سكارى ، فسألهما الحاكم عن أمرهما ، فأخذا يعتذران بما لا يجدي شيئا ، فأمر بتحريق المرأة في بارية ، وضرب الرجل بالسياط ضربا مبرحا . وازداد احتياط الحاكم على النساء حتى مات . ذكره الحاكم . ابن الجوزي
وفي رجب منها قضاء الحضرة بعد موت ولي أبو الحسن أحمد بن محمد بن أبي الشوارب . أبي محمد بن الأكفاني
وفيها عمر فخر الملك مسجد الشرقية ، ونصب عليه شبابيك من حديد .