[ ص: 18 ] ثم دخلت سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة
قال : لليلة بقيت من المحرم انقض كوكب من ناحية الجنوب إلى الشمال قبل مغيب الشمس ، فأضاءت الدنيا منه ، وسمع له صوت كصوت الرعد الشديد . ابن الجوزي
وفي صفر بلغ الخليفة المقتدر بالله أن جماعة من الرافضة يجتمعون في مسجد براثا ، فينالون من الصحابة ، ولا يصلون الجمعة ، ويكاتبون القرامطة ، ويدعون إلى ولاية الذي ظهر بين محمد بن إسماعيل الكوفة وبغداد ، ويدعون أنه المهدي ، ويتبرءون من المقتدر وممن يتبعه ، فأمر بالاحتياط عليهم ، واستفتى العلماء في المسجد المذكور ، فأفتوا بأنه مسجد ضرار يهدم كما ، فضرب من قدر عليه منهم الضرب المبرح ، ونودي عليهم ، وأمر الخليفة بهدم المسجد المذكور ، فهدمه هدم مسجد الضرار نازوك وأمر الوزير الخاقاني ، فجعل مكانه مقبرة ، فدفن فيه جماعة من الموتى .
وخرج الناس للحج في ذي القعدة ، فاعترضهم أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد [ ص: 19 ] الجنابي القرمطي - لعنهما الله - فرجع أكثر الناس إلى بلدانهم ، ولم يمكنهم الحج عامهم هذا ، ويقال : إن بعضهم سأل منه الأمان ليذهبوا فأمنهم . وقد قاتله جند الخليفة ، فلم يفد ذلك فيه شيئا ; لتمرده وشدة بأس من معه ، وانزعج أهل بغداد من ذلك وترحل أهل الجانب الغربي إلى الجانب الشرقي خوفا من القرامطة ، ودخل القرمطي إلى الكوفة فأقام بها ستة أيام يأخذ من أموالها ما يحتاج إليه .
قال : وكثر الرطب في هذه السنة ابن الجوزي ببغداد ، حتى بيع كل ثمانية أرطال بحبة ، وعمل منه تمر وحمل إلى البصرة .
وعزل المقتدر وزيره الخاقاني عن الوزارة بعد سنة وستة أشهر ويومين ، وولي مكانه أبو العباس أحمد بن عبيد الله بن أحمد بن الخصيب الخصيبي ; لأجل مال بذله من جهة زوجة المحسن بن الفرات ، وكان ذلك المال سبعمائة ألف دينار ، فأقر الخصيبي علي بن عيسى على الإشراف على ديار مصر وبلاد الشام وهو مقيم بمكة يسير إليها في بعض الأوقات ، فيعمل ما ينبغي عمله ، ثم يرجع إلى مكة ، شرفها الله سبحانه وتعالى .