( والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم ( 39 ) قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين ( 40 ) بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون ( 41 ) ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون ( 42 ) فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون ( 43 ) )
قوله عز وجل : ( والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم ) لا يسمعون الخير ولا يتكلمون به ، ( في الظلمات ) في ضلالات الكفر ، ( من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم ) وهو الإسلام .
قوله تعالى : ( قل أرأيتكم ) هل رأيتم؟ والكاف فيه للتأكيد ، وقال الفراء : العرب تقول أرأيتك ، وهم يريدون أخبرنا ، كما يقول : أرأيتك إن فعلت كذا ماذا تفعل؟ أي : أخبرني ، وقرأ أهل [ ص: 143 ] المدينة " أرايتكم ، وأرايتم ، وأرايت " بتليين الهمزة الثانية ، بحذفها ، قال والكسائي ابن عباس : قل يا محمد لهؤلاء المشركين أرأيتكم ، ( إن أتاكم عذاب الله ) قبل الموت ، ( أو أتتكم الساعة ) يعني : القيامة ، ( أغير الله تدعون ) في صرف العذاب عنكم ، ( إن كنتم صادقين ) وأراد أن كما أخبر الله عنهم : ( الكفار يدعون الله في أحوال الاضطرار وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين ) ( لقمان ، 32 ) .
ثم قال : ( بل إياه تدعون ) أي : تدعون الله ولا تدعون غيره ، ( فيكشف ما تدعون إليه إن شاء ) قيد الإجابة بالمشيئة [ والأمور كلها بمشيئته ] ( وتنسون ) وتتركون ، ( ما تشركون )
( ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء ) بالشدة والجوع ، ( والضراء ) المرض والزمانة ، ( لعلهم يتضرعون ) أي يتوبون ويخضعون ، والتضرع السؤال بالتذلل .
( فلولا ) فهلا ( إذ جاءهم بأسنا ) عذابنا ، ( تضرعوا ) فآمنوا فكشف عنهم ، أخبر الله عز وجل أنه قد أرسل إلى قوم بلغوا من القسوة إلى أنهم أخذوا بالشدة في أنفسهم وأموالهم فلم يخضعوا ولم يتضرعوا ، فذلك قوله : ( ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون ) من الكفر والمعاصي .